وجعه يوم الخميس فقال : ائتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً.
فتنازعوا ، ولا ينبغي عند نبيّ تنازعٌ ، فقالوا : هَجَرَ رسول الله!
قال : دعوني! فالذي أنا فيه خير ممّا تدعوني إليه.
وأوصى عند موته بثلاث : أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ، وأجيزوا الوفدَ بنحو ما كنتُ أُجيزهم ، ونسيت الثالثة».
ومن أوضح الأُمور أنّ نسبةَ الهجر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إساءةُ أدب معه ، بل كفرٌ بمقامه ؛ فإنّه مخالف للعقل والشرع.
أما العقل ؛ فلأنّ الهَجْرَ : هو الهَذَيان ؛ يقال : هَجَرَ النائمُ : إذا هَذَى ، كما في «القاموس» (١).
وهذا ممتنع عقلا على النبيّ في صحّته ومرضه ؛ لأنّ من جاز عليه الهجر ولم يُؤمَنْ عليه الهذيان والخطأ ، أمكن التشكيك في كثير من أقواله وأفعاله ، فلا يكون قوله وفعله حجة ، وهو مناف لمنزلة النبوّة ، وناف لفائدة البعثة.
وأما الشرع ؛ فلقوله تعالى : (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول) (٢) ..
(وما آتاكم الرسول فخذوه) (٣) ..
__________________
(١) القاموس المحيط ٢ / ١٦٤ مادّة «هجر».
وانظر مادّة «هجر» في : غريب الحديث ـ للهروي ـ ٢ / ٦٤ ، الصحاح ٢ / ٨٥١ ، الفائق في غريب الحديث ٤ / ٩٤ ، النهاية في غريب الحديث والأثر ٥ / ٢٤٦ ، لسان العرب ١٥ / ٣٣ ، المصباح المنير : ٢٤٢ ، تاج العروس ٧ / ٦٠٨.
(٢) سورة النساء ٤ : ٥٩ ، سورة النور ٢٤ : ٥٤ ، سورة محمّد ٤٧ : ٣٣ ، سورة التغابن ٦٤ : ١٢.
(٣) سورة الحشر ٥٩ : ٧.