منافرة عند ما يكون منه (١).
وهي ـ لو صحت ـ إنّما كانت لأعمال المغيرة المنكَرة ، التي ينبغي أن ينافره عليها كلّ مسلم.
وبالجملة : إنّ عمر قد دعا إلى كتمان الشهادة في مقام طلب إقامتها ، وهو ممّا حرّمه الله تعالى ؛ وفضَحَ جماعةً من المسلمين ـ يعلم هو وكلُّ من اطّلع على ذِكر الواقعة بصدق شهادتهم ، وعدم استحقاقهم للفضيحة ـ مراعاةً للمغيرة ، فتجنّبَ أن يفضح مستحقاً للفضيحة ، وفضح وضرب غير مستحقّين ؛ ولذا كان يقول إذا رأى المغيرة : «خفت أن أُرمى بحجارة من السماء» (٢).
وهل يشكّ عاقل في أنّ زياداً إنّما ترك الشهادة لأجل عمر؟!
أتراه جاء من البصرة إلى المدينة ، وقطع تلك الفيافي الشاسعة لأجل أداء تلك الشهادة التي أقامها؟!
أو أنّ أصحابه عزموا على الشهادة ، وجاؤوا بصحبته حتّى أدّوا شهادتهم في الملأ ، وهم لم يعلموا أنّه يشهد بما شهدوا به ، وغرّروا بأنفسهم؟!
ولو أعرضنا عن هذا كلّه ، فلا ريب أنّه قد ثبت عند عمر ـ بشهادة الأربعة ـ أنّ المغيرة جلس من المرأة مجلس الفاحشة ، وأنّه تبطنها وجلس بين فخذيها ، وحفز عليها ، إلى نحو ذلك ، فهلاّ ضمّ إلى جلد الثلاثة تعزير المغيرة ، ولو بخفيف التعزير؟!
__________________
(١) انظر : تاريخ الطبري ٢ / ٤٩٣ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٣٨٤.
(٢) انظر : الأغاني ١٦ / ١٠٩ ، وفيات الأعيان ٦ / ٣٦٦ ، شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٣٨.