وهو ـ أعني عمر ـ قد حد الصائم حد شارب الخمر ، معلّلا بجلوسه مع السكارى ، كما نقله في «كنز العمّال» (١) ، عن أحمد بن حنبل ، في الأشربة ، فلِمَ لا عزّر المغيرة بفعله الشنيع كما فعل عليّ (عليه السلام)؟!
نقل في «الكنز» (٢) ، عن عبد الرزّاق ، عن أبي الضحى ، أنّه شهد ثلاثة نفر على رجل وامرأة بالزنا ، وقال الرابع : رأيتهما في ثوب واحد ؛ فجلد عليٌّ الثلاثة وعزّر الرجل والمرأة.
وهذا التعزير واجب عند أحمد بن حنبل ؛ لأنّه يرى وجوب التعزير في كلّ معصية لا حدّ فيها ولا كفّارة ، كما حكاه عنه الشعراني في باب التعزير من كتاب «الميزان» (٣).
فيكون عمر عاصياً بترك تعزير المغيرة بمذهب أحمد ، بل وبمذهب الشافعي أيضاً ؛ فإنّ الشعراني وإن نقل عنه عدم الوجوب ، لكن قال بعد ذلك : «هو خاصٌّ برعاع الناس» (٤).
بل وبمذهب مالك وأبي حنيفة أيضاً ؛ لأنّهما قالا كما في «الميزان» بوجوب التعزير إذا غلب على ظنّ الحاكم أنّه لا يصلح العاصي إلاّ الضرب (٥) ؛ كما هو كذلك في المغيرة ؛ لأنّه فاجر عند عمر.
فقد روى ابن عبد ربّه في أوائل «العقد الفريد» ، تحت عنوان : «اختيار السلطان لأهل عمله» ، أنّه لمّا قدم رجالٌ [من الكوفة] على عمر
__________________
(١) في كتاب الحدود ص ١٠١ ج ٣ [٥ / ٤٧٧ ح ١٣٦٧٢]. منه (قدس سره).
(٢) ص ٩٦ ج ٣ [٥ / ٤٥٨ ح ١٣٦٠٢]. منه (قدس سره).
وانظر : مصنّف عبد الرزّاق ٧ / ٣٨٥ ح ١٣٥٦٨.
(٣) ص ١٤٩ ج ٢ طبع مصر سنة ١٣٠٦ هجرية [٢ / ٢٧٩]. منه (قدس سره).
(٤) الميزان الكبرى ٢ / ٢٧٩.
(٥) الميزان الكبرى ٢ / ٢٧٩.