يشكون سعد بن أبي وقّاص ، قال : مَن يعذرني من أهل الكوفة؟! إنْ ولّيتهم التقيّ ضعّفوه ، وإنْ ولّيتهم القويّ فجّروه!
فقال له المغيرة : إنّ [التقيّ] الضعيف له تقواه وعليك ضعفه ، والقويّ الفاجر لك قوّته وعليه فجوره.
قال : صدقت ، فأنت القوي الفاجر ، فاخرج إليهم!
فلم يزل عليهم أيام عمر (١).
وبالجملة : لا ريب بمعصية عمر في ترك تعزير المغيرة ولو ببعض المذاهب السنيّة!
ولو سُلّم عدم وجوب تعزيره ، فلا شكّ برجحانه ، ولا أقلّ من رجحان إهانته!
فما لعمر أبقى المغيرة في محلّ الكرامة عنده ، وهو يعلم فجوره حتّى ولاّه البصرة ثانياً بعد عتبة ، وأبي موسى ، كما ذكره الطبري ـ قولا ـ في آخر حوادث سنة سبع عشرة (٢) ، وابن الأثير (٣)؟!
ولو فرض أنّه لم يُعده إلى البصرة ، فلا ريب أنّه ولاّه الكوفة إلى أن مات ، كما سمعته في رواية ابن عبد ربّه.
وذكره ابن حجر في «الإصابة» بترجمة المغيرة (٤).
وقال ابن عبد البرّ في «الاستيعاب» ، بترجمة المغيرة أيضاً : «لمّا شُهِد عند عمر عزله عن البصرة وولاّه الكوفة ، فلم يزل عليها إلى أن قُتل
__________________
(١) العقد الفريد ١ / ٣٦ ـ ٣٧.
(٢) ص ١٥٢ ج ٤ [٢ / ٤٩٩]. منه (قدس سره).
(٣) ص ٢٤٠ ج ٢ [٢ / ٣٨٤]. منه (قدس سره).
(٤) الإصابة ٦ / ١٩٨ رقم ٨١٨٥.