عنه ، لكنّه أجاب عنه ـ كما في «شرح النهج» (١) ـ بأنّ هذا القول لو كان نقصاً فيه ، لكان قول الله في آدم وحوّاء : (فوسوس لهما الشيطان) (٢) وقوله : (فأزلّهما الشيطان) (٣) وقوله : (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبيّ إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أُمنيّته) (٤) يوجب النقص في الأنبياء ، وإذا لم يُوجب ذلك فكذا ما وصف به أبو بكر نفسه.
وإنّما أراد أنّه عند الغضب يُشفق من المعصية ، ويحذَر منها ، ويخاف أن يكون الشيطان يعتريه في تلك الحال فيوسوس إليه ، وذلك منه على طريق الزجر لنفسه عن المعاصي.
وأورد عليه السيّد المرتضى طاب ثراه بما حاصله :
إنّ قول أبي بكر لا يشبه ما تلاه من الآيات ؛ لأنّ أبا بكر أخبر عن نفسه بطاعة الشيطان ، وأنّ عادته بها جارية ، وليس هذا بمنزلة من يلقي الشيطان في أُمنيّته ؛ أي : فكرته على سبيل الخاطر ، ولا يطيعه (٥).
__________________
(١) ص ١٦٦ من المجلّد الرابع [١٧ / ١٥٥ ـ ١٥٧]. منه (قدس سره).
وانظر : المغني ٢٠ ق ١ / ٣٣٨ ، الشافي ٤ / ١٢٠ ـ ١٢٣.
(٢) سورة الأعراف ٧ : ٢٠.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٣٦.
(٤) سورة الحجّ ٢٢ : ٥٢.
(٥) ولإيضاح هذه المسألة نقول :
إنّ أيّة أُمنيّة تتكوّن من طرفين ؛ الطرف الأوّل داخليّ ، يرتبط بوعي وأحاسيس ومشاعر صاحب الأُمنيّة ، والطرف الثاني خارجيّ ، يرتبط بمدى تحقّق هذه الأُمنيّة في الخارج من خلال تفاعلها مع الواقع الخارجي.
ومن الطبيعي والمسلّم به أنّ المبعوث رحمةً للعالمين (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يتمنّى ـ كغيره من الأنبياء ـ أن يهتدي بهداه أكبر عدد ممكن من الناس ، فسعى وجاهد في سبيل إقبال الناس عليه وإيمانهم به ؛ وهذه هي الأُمنيّة في داخل نفس الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ،