وقوله : (فأزلّهما الشيطان) معناه : أنّهما فعلا مكروهاً ؛ لأنّ الأنبياء لا يفعلون محرّماً ؛ للعصمة.
على أنّ القاضي يقول : إنّ هذه المعصية من آدم كانت صغيرة لا يستحقّ عليها عقاباً ولا ذما ، وهي تجري ـ من بعض الوجوه ـ مجرى المباح ؛ لأنّها لا تؤثّر في أحوال فاعلها وحطّ رتبته.
فأين هي ممّا أخبر به أبو بكر عن نفسه ، من أنّ الشيطان يعتريه حتّى يؤثّر في الأشعار والأبشار على وجه الاعتياد ، وأنّه يأتي ما يستحقّ به التقويم؟!
__________________
وهي الطرف الأوّل منها.
ومن المسلّم به ـ كذلك ـ أن لا يكون للشيطان سلطان على أُمنيّة أيّ نبيّ من الأنبياء في داخل نفسه الشريفة ..
قال الله تبارك اسمه : (قال ربِّ بمآ أغويتني لأَُزيّننّ لهم في الأرض ولأَُغوينّهم أجمعين * إلاّ عبادَك منهم المخلَصين * قال هذا صراط علَيَّ مستقيم * إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاّ مَنِ اتّبعك مِنَ الغاوين) سورة الحجر ١٥ : ٣٩ ـ ٤٢ ..
وقال سبحانه وتعالى : (إنّه ليس له سلطان على الّذين آمنوا وعلى ربّهم يتوكّلون * إنّما سلطانه على الّذين يتولّونه والّذين هم به مشركون) سورة النحل ١٦ : ٩٩ و ١٠٠.
وإنّما سيسعى الشيطان ليلقي في الأُمنيّة عند تحرّكها في الواقع الخارجي ، أي في مَن له سلطان عليه من الخلق ، بوسوسته للناس وتهييج الظالمين وإغراء المفسدين ؛ ليمنعهم من الهداية المتمنّاة من قبل الرسول أو النبيّ ليفسد الأمر عليهم ؛ وهذا هو الطرف الثاني للأُمنيّة ..
وعندئذ ، إذا أراد الله تعالى للأُمم أن تهتدي بهدى أنبيائها ، فينسخ الله ويزيل ما يلقي الشيطان ، ثمّ يُحكِم عزّ وجلّ آياته بإنجاح سعي الرسول أو النبيّ وإظهار الحق ، ويكون كيد الشيطان ضعيفاً.
ولمزيد التفصيل راجع : الميزان في تفسير القرآن ١٤ / ٣٩٠ ـ ٣٩٧.