وأمّا أنت يا عبد الرحمن! فإنّك رجلٌ عاجزٌ ، تحبّ قومكَ جميعاً.
وأمّا أنت يا سعد! فصاحب عصبيّة وفتنة ، ومِقْنَب (١) وقتال ، لا تقوم بقرية لو حمِّلتَ أمرَها.
وأمّا أنت يا عليّ! فوالله لو وُزن إيمانُك بإيمان أهل الأرض لرجحهم.
فقام عليٌّ مولّياً يخرجُ ، فقال عمر : والله إنّي لأعلم مكانَ الرجلِ لو ولّيتموه أمرَكم حملكم على المحجة البيضاء.
قالوا : من هو؟!
قال : هذا المولّي عنكم (٢) ، إنْ ولّوها الأجلح (٣) سلك بكم الطريق المستقيم.
قالوا : فما يمنعك من ذلك؟!
قال : ليس إلى ذلك سبيل!
قال له ابنه عبد الله : فما يمنعك منه؟!
قال : أكره أن أتحمّلها حيا وميّتاً (٤)!
__________________
(١) المِقنَبُ : شيء يكون مع الصائد ، يجعل فيه ما يصيده ، وهو مشهور شِبهُ مِخْلاة أو خَريطة ؛ والمقنب ـ كذلك ـ : جماعة الخيل والفرسان ، قيل إنّها دون المئة ، وقيل زهاء الثلاثمئة ، والمراد أنّه صاحب حرب وجيوش.
انظر : لسان العرب ١١ / ٣١٢ مادّة «قنب».
(٢) من بينكم / خ ل. منه (قدس سره).
(٣) الجلَحُ : ذهاب الشعر من مقدَّم الرأس ، وقيل : هو فوق النّزَع ، وهو انحسار الشعر عن جانبَي الرأس ، وأوّلُه النّزَعُ ثمّ الجلَحُ ثمّ الصلَعُ.
انظر : لسان العرب ٢ / ٣١٨ ـ ٣١٩ مادّة «جلح».
(٤) انظر : شرح نهج البلاغة ١٢ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠ ، أنساب الأشراف ٦ / ١٢٠ ـ ١٢١.