وروى السيوطي ـ أيضاً ـ نحوه ، عن ابن سعد (١).
فإذا كان الله سبحانه لم يرض بحكم نبيّ ولا غيره حتّى جزّأها بنفسه المقدّسة ، فكيف جاز لعمر أن يُسقط سهم المؤلّفة؟!
قال في كتاب «الجوهرة النيّرة على مختصر القدوري في الفقه الحنفي» (٢) : «إنّ المؤلّفة قلوبهم جاؤوا بعد النبيّ إلى أبي بكر ليكتب لهم بعادتهم ، فكتب لهم بذلك ، فذهبوا بالكتاب إلى عمر ليأخذوا خطّه على الصحيفة ، فمزّقها ، وقال : لا حاجة لنا بكم ، فقد أعزّ الله الإسلام وأغنى عنكم ، فإن أسلمتم وإلاّ فالسيف بيننا وبينكم!
فرجعوا إلى أبي بكر ، فقالوا له : أنت الخليفة أم هو؟!
فقال : بل هو إن شاء الله ؛ وأمضى ما فعله عمر».
وهذا القول من عمر جهلٌ بوجه الحكمة ، وعمدٌ في مخالفة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ؛ إذ أعطاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد فشا الإسلام وعزّ أهلُه فوق العزّ يومَ منعهم عمر وأبو بكر.
وروى الطبري في «تفسيره» ، عن حبّان بن أبي جبلة ، قال : «قال عمر ـ وقد أتاه عُيينة بن حِصن (٣) ـ : (الحقُّ من ربّكُمْ فمن شاء فَلْيؤمِنْ
__________________
الكبير ـ للطبراني ـ ٥ / ٢٦٢ ـ ٢٦٣ ح ٥٢٨٥ ، سنن الدارقطني ٢ / ١٠٥ ح ٢٠٤٤ ، مصابيح السنة ٢ / ٣٢ ح ١٢٩٦.
(١) الدرّ المنثور ٤ / ٢٢٠ ـ ٢٢١.
(٢) ص ١٦٤ ج ١. منه (قدس سره).
وانظر : الاختيار لتعليل المختار ـ لمجد الدين الموصلي الحنفي ـ ١ / ١١٧.
(٣) هو : عُيينة بن حِصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جُوَيّة الفَزاري ، يكنّى أبا مالك ، أسلم بعد الفتح ، وقيل : قبل الفتح ، كان من المؤلّفة قلوبهم ، وكان من