وأما ما زعمه الخصم من الضرورة على النحو الذي قرّره ..
ففيه : منع كون الإمامة ليست من أُصول الشرائع (١) ، وأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لم ينصب إماما.
ولو سُلّم ، فلِمَ كانت بيعة سعد موجبة للاختلاف والفتنة لو قصد الشيخان وجه الله ونصر الإسلام؟!
وقد كان يمكنهما متابعة الأنصار فلا يقع اختلاف ولا فتنة ، ولا سيّما أنّ الأنصار ـ بقول الخصم ـ هم العساكر ، وأهل الحلّ والعقد!
وليست القُرشيّة شرطاً عند عمر ؛ ولذا تمنّى أن يكون معاذ (٢) أو سالم مولى حذيفة حيا فيولّيه الأمر بعده (٣).
وكذا ليست شرطاً عند الأنصار ؛ ولذا أرادوا الأمر لسعد ، وهم عدولٌ عند السنة.
ولو سُلّم لزوم مخالفة الأنصار ، بدعوى أنّ الخلافة لقريش ـ من حيث إنّها قريش ـ ، فلا معنى لتعيّن بيعة أبي بكر دون عليّ ، ولا سيّما أنّ بيعة عليّ (عليه السلام) دافعةٌ للشبهة عنهما ، وأقرب إلى منع الاختلاف ، ولو لقربه من النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وزيادة اختصاصه به.
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٢١١ وما بعدها ، من هذا الكتاب.
(٢) انظر : الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ٤٤٣ ، معرفة الصحابة ٥ / ٢٤٣٥ رقم ٥٩٥٦.
(٣) انظر : مسند أحمد ١ / ٢٠ ، تأويل مختلف الحديث : ١١٥ و ١١٦ و ٢٧٧ ، تمهيد الأوائل : ٤٦٨ ، الاستيعاب ٢ / ٥٦٨ ، المحصول في علم أُصول الفقه ٢ / ١٥٧ ، أُسد الغابة ٢ / ١٥٦ رقم ١٨٩٢ ، شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢٦٥ ، سير أعلام النبلاء ١ / ١٧٠ ذيل الرقم ١٤ ، طرح التثريب ١ / ٤٩ ، تاريخ ابن خلدون ١ / ٢٠٥.