نعم ، أراد أن يطعمه مال القطرين ويرفع قدره ، فولاّه إيّاهما ..
روى الطبريُّ في «تاريخه» (١) : «أنّ غيلان بن خرَشة (٢) قال لعثمان : أمَا منكم خسيس فترفعوه؟! أمَا منكم فقيرٌ فتجبروه؟! يا معشر قريش! حتّى متى يأكل هذا الشيخُ الأشعري هذه البلاد؟! فانتبه لها الشيخ ، فولاّها عبد الله بن عامر».
ومثله الكلام في سعيد بن العاص ؛ فإنّه ولاّه الكوفة ولم يبلغ الثلاثين ، وما تولّى قبلها عملا (٣).
وكذا الوليد بن عقبة ؛ فإنّه لم يتولّ بلاداً ، وما عرف سياسة ، وإنّما ولاّه عثمان الكوفة طعمة ..
فقد ذكر في «شرح النهج» (٤) ، عن الأغاني ، أنّ سبب إمارة الوليد على الكوفة أنّه لم يكن يجلس مع عثمان على سريره إلاّ العبّاس وأبو سفيان والحكم والوليد ، ولم يكن سريره يسع معه إلاّ واحداً ، فأقبل الوليد يوماً فجلس ، فجاء الحكم ، فأومأ عثمان إلى الوليد ، فرحل (٥) له عن مجلسه ، فلمّا قام الحكم قال الوليدُ : لقد تلجلج في صدري بيتان قلتهما
__________________
(١) ص ٥٥ ج ٥ [٢ / ٦٠٥]. منه (قدس سره).
(٢) هو : غيلان بن خرشة بن عمرو بن ضرار الضبّي البصري ، كان أعرابياً جافياً ، به لُوثة ، وفد على معاوية.
انظر : الأغاني ١٣ / ٣٣٦ ، تاريخ دمشق ٤٨ / ١٣١ رقم ٥٥٦٤.
(٣) راجع ما تقدّم في ترجمته ، في الصفحة ٤١١ هـ ٣.
(٤) ص ١٩٢ مجلّد ٤ [١٧ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨]. منه (قدس سره).
وانظر : الأغاني ٥ / ١٣٥ ـ ١٣٦.
(٥) كذا في الأصل والمصدر ، بالراء المهملة ، ولعلّه تصحيف ما في «الأغاني» : «زَحلَ» بالزاي المعجمة ؛ وزَحلَ الرجلُ عن مقامه : زَلَّ عن مكانه وتَنحّى وتَبَاعدَ ؛ انظر : لسان العرب ٦ / ٢٧ ـ ٢٨ مادّة «زحل».