ودخل عليه عليٌّ ـ وكان متكلّم القوم ـ ، وقال : إنّما سألوك رجلا مكانَ رجل ، وقد ادّعوا قبَله دماً ، فاعزله عنهم ، واقضِ بينهم ، [وإنْ وجَبَ عليه حقٌّ فأنصِفهم منه]».
ثمّ ذكر ما حاصله ، أنّه أرسل محمّد بن أبي بكر عاملا ومعه جمع من الصحابة ، فلمّا كانوا على مسيرة ثلاثة أيّام من المدينة إذا هم بغلام أسود على بعير ، ففتّشوه وأخرجوا منه كتاباً من عثمان إلى ابن أبي سرح يأمره فيه بقتلهم ، فرجعوا به إلى المدينة.
فاغتمّ أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) من ذلك ، ودخل عليٌّ وجماعة على عثمان ومعهم الكتاب والغلام والبعير.
ثمّ قال ما لفظه : «قال له عليٌّ : هذا الغلام غلامكُ؟ قال : نعم ؛ والبعير بعيرك؟ قال : نعم ؛ والخاتم خاتمك؟ قال : نعم ، قال : فأنت كتبتَ الكتابَ؟! قال : لا.
إلى أن قال : فعرفوا أنّه خطّ مروان ... وسألوه أن يدفع إليهم مروان ، فأبى».
وقال الطبريّ في «تاريخه» (١) ، في حوادث سنة ٣٥ : «قدم المصريّون القدْمة الأُولى ، فكلّم عثمانُ محمّد بن مَسلمة ، فخرج في خمسين راكباً من الأنصار ... فردّهم.
ورجع القومُ حتّى إذا كانوا بالبُوَيْب (٢) وجدوا غلاماً لعثمان معه كتاب إلى عبد الله بن سعد ، فكرّوا ، فانتهوا إلى المدينة ، وقد تخلّف بها
__________________
(١) ص ١٢٠ ج ٥ [٢ / ٦٦٦ ـ ٦٦٧]. منه (قدس سره).
(٢) البُوَيْبُ : نقبٌ بين جبلين ، والبويب مدخل أهل الحجاز إلى مصر.
انظر : معجم البلدان ١ / ٦٠٧ رقم ٢٢٥٧.