من الناس الأشتر وحكيم بن جبلة ، فأتوا بالكتاب ، فأنكر عثمان أن يكون كتبه ... قالوا : فالكتاب كتابُ كاتبك؟!
قال : أجل ، ولكنّه كتبه بغير أمري.
قالوا : فإنّ الرسول الذي وجدنا معه الكتابَ غلامُك؟!
قال : أجل ، ولكنّه خرج بغير إذني.
قالوا : فالجمل جملك؟!
قال ، أجل ، ولكنّه أُخذ بغير علمي.
قالوا : ما أنت إلاّ صادقٌ أو كاذبٌ ، فإن كنتَ كاذباً فقد استحققتَ الخلع ؛ لِما أمرتَ به من سفك دمائنا بغير حقّها ، وإن كنتَ صادقاً فقد استحققت أن تُخلع ؛ لضعفك وغفلتك وخبث بطانتك ؛ لأنّه لا ينبغي لنا أن نترك على رقابنا مَن يُقتطَع مثلُ هذا الأمر دونه لضعفه وغفلته.
وقالوا له : إنّك ضربتَ رجالا من أصحاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرهم حين يعظونك ويأمرونك بمراجعة الحقّ عندما يستنكرون من أعمالك ، فأَقدْ مِن نفسك مَن ضربته وأنت له ظالمٌ.
فقال : الإمام يخطئُ ويصيبُ ، فلا أَقيدُ من نفسي ؛ لأنّي لو أَقدتُ كلّ مَن أصبته بخطأ آتي على نفسي.
قالوا : إنّك أحدثتَ أحداثاً عظاماً فاستحققتَ بها الخلع ، فإذا كُلّمتَ فيها أعطيتَ التوبة ثمّ عدتَ إليها وإلى مثلها.
ثمّ قدمنا عليك فأعطيتنا التوبة والرجوع إلى الحقّ ، ولامنا فيك محمّد بن مسلمة ، وضمن لنا ما حدث من أمر ، فأخفرته (١) ، فتبرّأ منك
__________________
(١) أَخفرَه : نَقضَ عهده وخاسَ به وخانه وغَدره ونكثَه وأخلَفَه ، ولم يَفِ بذمة ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ١٥٢ مادّة «خفر» وص ٢٦٠ مادّة «خيس».