وقال : لا أدخل في أمره.
فرجعنا أوّل مرّة لنقطع حجّتك ونبلغ أقصى الإعذار إليك ، نستظهر بالله عزّ وجل عليك ، فلحقنا كتاب منك إلى عاملك علينا تأمره فينا بالقتل والقطع والصلب ، وزعمت أنّه كُتبَ بغير علمك وهو مع غلامك وعلى جملك وبخطّ كاتبك وعليه خاتَمك!
فقد وقعت عليك بذلك التهمةُ القبيحة ، مع ما بلونا منك قبل ذلك من الجور في الحكم ، والأثرة في القَسْم ، والعقوبة للأمر بالتبسُّط من الناس والإظهار للتوبة ، ثمّ الرجوع إلى الخطيئة.
ولقد رجعنا عنك ، وما كان لنا أن نرجع حتّى نخلعك ونستبدل بك مِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مَن لم يُحدِث مثل ما جرّبنا منك.
إلى أن قال : وأرسل إلى محمّد بن مسلمة أن يردّهم ، فقال : والله لا أكذبُ في سنة مرّتين».
وقريب منه في «كامل» ابن الأثير (١).
ولعمري ، لو كان عثمان بريئاً من أمر الكتاب ، لأظهر الاهتمام الكبير بالبحث عمّن زوّره ، وضيّق على الرسول ليعرّفه به ، وتنمّر لمروان وأشباهه.
كما إنّ حجج القوم عليه لأثبات استحقاقه للخلع وعدم أهليّته للخلافة واضحةٌ قويّةٌ ، ولا سيّما ما يتعلّقُ بأمر الكتاب ؛ لاستلزامه ضعفه الشديد أو فسقه العظيم ؛ لأَِمْره بسفك دماء المسلمين بغير حقّها ، الّذين ما طلبوا منه إلاّ عزلَ عامله الجائر.
__________________
(١) ص ٨٣ ج ٣ [٣ / ٥٩ ـ ٦١ حوادث سنة ٣٥ هـ]. منه (قدس سره).