واستنفق من بيت المال (١) ؛ فكيف يقوم عثمان بأُمور الخلافة مع اتّساع المملكة أضعافاً كثيرةً ، ويتّجر بأمواله التي بعضها تلك العطايا؟!
ولكن قد يوجّه بما سيأتي عن «السيرة الحلبية» ، من أنّ عثمان منع أن يشتري أحدٌ قبل وكيله ، وأن تسير سفينة في غير تجارته (٢)!
فإنّه على هذا لا تحتاج تجارته وزيادة أمواله إلى صرف وقت كثير ؛ لاستعانته بالوكلاء والاحتكار!
ويشكل : بأنّه مع هذا الجور والنهمة في جمع المال ، يمتنع أن يعطي عثمان من أمواله تلك العطايا ويده مبسوطة على مال المسلمين ، فيبطل قول الفضل : «فربّما كان من ماله ما أعطى أقرباءه».
على أنّه لو كان من أهل العطاء لهم من ماله ، لأعطاهم قبل أن يستخلف بعض هذه العطايا ؛ ولم يحكِه التاريخ أصلا!
الثالث : قوله : «ومَن كان يفرّق بين أمواله وأموال الفيء ...» إلى آخره ..
فإنّ الفرق واضح لكلِّ أحد ؛ لأنّ لبيت المال خزّاناً مخصوصين.
نعم ، لا فرقَ بينهما في أيّام معاوية إلى قرون من الهجرة ؛ لأنّهم اتّخذوا مال الله من أملاكهم ، وصرفوه في شهواتهم ومصالح دنياهم.
وأظرفُ من هذا قوله : «أكان المرتضى وابن المطهّر من حسّاب أمواله ...» إلى آخره ..
فإنّهما استدلاّ على ذلك بأخبارهم المصرّحة بهبته لهم مال البصرة
__________________
(١) راجع الصفحتين ١٥٦ ـ ١٥٧ ، من هذا الجزء.
(٢) السيرة الحلبية ٢ / ٢٧٣.