قال : «قيل له : ألا تدخلُ على عثمان فتكلّمه؟!» ..
وفي رواية : «عن أبي وائل ، قال : كنّا عند أُسامة ، فقال له رجلٌ : ما يمنعك أن تدخل على عثمان فتكلّمه في ما يصنع؟!
فقال : أترون أنّي لا أُكلّمه إلاّ أُسمِعكم؟! واللهِ لقد كلّمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتح أمراً لا أُحبُّ أن أكون أوّل من فتحه.
ولا أقول لأحد يكون علَيَّ أميراً : إنّه خيرُ الناس ، بعدما سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : يؤتى بالرجل يومَ القيامة فيلقى في النار فتندلق (١) أقتاب (٢) بطنه ، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى ، فيجتمع إليه أهلُ النار فيقولون : يا فلان! ما لك؟! ألم تكن تأمرُ بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! فيقول : بلى ، قد كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه».
ونحوه في «صحيح البخاري» ، في «كتاب بدء الخلق» (٣) ، وفي كتاب «الفتن» (٤) ، لكنّه لم يصرّح في المقامين باسم عثمان ؛ حفظاً لشأنه! وإنْ علم كلُّ أحد من الرواية أنّه المرادُ.
فإذا كان هذا رأيُ أُسامةَ وغيره في عثمان ، فكيف جاء ابنُ حجر بعد القرون المتطاولة وزعم اجتهاد عثمان ، وطلبه صيانة منصب الشريعة ، ورعاية حرمة الدين ، بهتك حرمة صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأقربين ،
__________________
(١) الدلْق : خروج الشيء من مخرجه ومكانه سريعاً ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ٣٩٠ مادّة «دلق».
(٢) القتبُ والقتَبُ : المِعَى ، وقيل ما تَحوّى من البطن ؛ انظر : لسان العرب ١١ / ٢٨ مادّة «قتب».
(٣) في باب صفة النار وأنّها مخلوقة [٤ / ٢٤٧ ح ٧٦]. منه (قدس سره).
(٤) في باب الفتنة التي تموج كموج البحر [٩ / ٩٩ ـ ١٠٠ ح ٤٦]. منه (قدس سره).