وروى في «الاستيعاب» من حديث آخر ، أنّه «صلّى عليه عبد الله بن مسعود ، صادفه وهو مقبلٌ من الكوفة مع نفر فضلاء من الصحابة ، منهم : حُجر بن الأدبر ، ومالك بن الحارث الأشتر» (١).
قال ابن أبي الحديد (٢) ـ بعد نقل الحديثين المذكورين عن «الاستيعاب» ـ : «قلت : حُجر بن الأدْبَر ، [هو حُجْر بن عَدِيّ] الذي قتله معاوية ، وهو من أعلام الشيعة وعظمائها.
وأمّا الأشتر ، فهو أشهر في الشيعة من أبي الهُذَيل في المعتزلة.
قُرئ كتاب (الاستيعاب) على شيخنا عبد الوهّاب بن سُكَينة (٣) المحدِّث ـ وأنا حاضرٌ ـ ، فلمّا انتهى القارئ إلى هذا الخبر ، قال أُستاذي عمرُ بن عبد الله الدبّاس ـ وكنت أحضرُ معه سماع الحديث ـ : «لِتقُل الشيعة بعد هذا ما شاءت ، فما قال المرتضى والمفيد إلاّ بعض ما كان حُجر والأشتر يعتقدانه في عثمان ومَن تقدّمه!
فأشار الشيخ إليه بالسكوت ، فسكت» ؛ انتهى.
ومن العجب أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يشهد للأشتر ، بالإيمان والصلاح وحبّ
__________________
(١) الاستيعاب ١ / ٢٥٣.
(٢) ص ٤١٦ مجلّد ٣ [١٥ / ٩٩ ـ ١٠١]. منه (قدس سره).
(٣) هو : أبو أحمد عبد الوهّاب بن عليّ بن عليّ بن عبيد الله الأمين ، المعروف بابن سُكينة ـ وهي جدته لأبيه ـ ، الصوفي ، الشافعي ، البغدادي ، شيخ وقته في الحفظ والقراءات والرواية ، سمع الكثير ، ولقي المشايخ ، وحدّث ببغداد والحجاز والشام ، وغيرها من البلاد.
وُلد ببغداد سنة ٥١٩ هـ ، وتوفّي بها ودُفن فيها سنة ٦٠٧ هـ.
انظر : تتمة جامع الأُصول ـ لابن الأثير ـ ٢ / ٦٨٨ ، ذيل تاريخ بغداد ـ لابن النجّار ـ ١ / ٣٥٤ رقم ٢٢٠ ، سير أعلام النبلاء ٢١ / ٥٠٢ رقم ٢٦٢ ، مرآة الجنان ٤ / ١٣ ، شذرات الذهب ٥ / ٢٥.