الله له ، وكذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ، بما ليس فوقه غاية ، وابن حجر في «الصواعق» عبّر عنه بالمارق ، عند الجواب عن الطعن على عثمان بأنّه انتهك حرمة الأشتر ، قال : «وما فعله بالأشتر معذورٌ فيه ؛ فإنّه رأسُ فتنة في زمان عثمان ، بل هو السبب في قتله ، بل جاء أنّه هو الذي باشر قتله بيده.
فأعمى الله بصائرهم ، كيف لم يذمّوا فعل هذا المارق ، وذمّوا فعل من شهد له الصادق أنّه الإمام الحقُّ ، وأنّه يُقتل مظلوماً ، وأنّه من أهل الجنّة؟!» (١) ؛ انتهى.
ولعمري ، إنّ أعمى البصيرة من لا يتبصّر في أفعال عثمان الخارجة عن قانون الشريعة ، ولا يبصر فضل الأشتر وغيره من الآمرين بالمعروف ، الناهين عن المنكر.
وأعمى البصيرة مَن لا يعرف أنّ أخبار أصحابه في فضل أوليائهم ، لا تكون حجّةً لهم على خصومهم ، وأنّ المتّفَق على رواية فضله ليس بمنزلة المختلَف فيه ، مع كثرة الأدلّة على كذب ما رواه في فضل عثمان ، وضعف رواتها.
وكيف يصفُ الأشتر بالمارق ، وهو سيف أمير المؤمنين (عليه السلام) على البغاة الّذين قاتلهم على تأويل القرآن ، وقال في حقّه : «كان لي كما كنتُ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)» (٢)؟!
وما بال ابن حجر لم يصف عائشةَ وطلحة والزبير وابن العاص بالمروق ، وهم مثلُ الأشتر أو أعظم منه في التأليب على عثمان؟!
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ١٧٧.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٥ / ٩٨.