يُقتل لو امتنع من الانقياد لهم ، دلّه على ما هو خيرٌ له وأقربُ إلى الرشد ، وهو أن ينساق لهم حيث ساقوه ، حتّى يلقاه يومَ القيامة مظلوماً ، فيكون نفيهم له حجّةً دائميّةً ظاهرةً على ضلال الإمارة التي ناوأته وناوأها ، وأنكر عليها ..
ولو قاتلهم وحده وقتلوه ، لجعلوا قتله ـ هم وأتباعُهم ـ واجباً من باب دفع الصائل عن النفس.
ويدلّ ـ أيضاً ـ على تسيير أبي ذرّ إلى الربذة قهراً ، ما في «مستدرك الحاكم» (١) ، عن عبد الرحمن بن غنم ، قال : «كنتُ مع أبي الدرداء ، فجاء رجلٌ من قبل المدينة ، فسأله ، فأخبره أنّ أبا ذرّ مسيّرٌ إلى الربذة.
فقال أبو الدرداء : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، لو أنّ أبا ذرّ قطع لي عضواً أو يداً ما هجتُه (٢)» .. الحديث.
ونحوه في «الاستيعاب» ، بآخر ترجمة أبي ذرّ (٣).
وفي «المستدرك» ـ أيضاً (٤) ـ حديثٌ آخر يتعلّق بغزوة تبوك ، قال النبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في آخره : رحم الله أبا ذرّ ، يمشي وحده ، ويموت وحده.
قال ابن مسعود : فضرب الدهرُ ضربةً ، فسُيّر أبو ذرّ إلى الربذة».
وهو دالُّ أيضاً على نفيه إلى الربذة.
كما يدلّ على نفيه من الشام إلى المدينة وتسييره قهراً ، ما في «مسند أحمد» (٥) ، أنّه لمّا بلغ أبا الدرداء تسييرُ أبي ذرّ من الشام إلى
__________________
(١) في محنة أبي ذرّ ، ص ٣٤٤ ج ٣ [٣ / ٣٨٧ ح ٥٤٦٧]. منه (قدس سره).
(٢) كذا في الأصل والاستيعاب ، وفي المستدرك : «هجنته».
(٣) الاستيعاب ١ / ٢٥٦.
(٤) ص ٥٠ ج ٣ [٣ / ٥٢ ـ ٥٣ ح ٤٣٧٣]. منه (قدس سره).
(٥) ص ١٩٧ ج ٥. منه (قدس سره).