أقول :
لا يبعد أنّ المنشأ في هذا الرمي ، روايتُه لبعض تلك المطالب في خلفائهم ، وبعض فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) ، كما رموا الحاكم والنسائيّ وغيرهما بالتشيّع (١) ؛ لأنّهم يجدون لهم إنصافاً في الجملة ، وهو خلاف طريقتهم ؛ إذ لا يقنعهم من الرجل إلاّ أن يروا عليه أثر النصب في جميع أقواله وأفعاله ، وأن لا يتعرّض لرواية شيء من مساوئ خلفائهم وأوليائهم ، حتّى لو وقعت منه صدفةً ، وكان ما رواه مشهوراً.
ولو فُرضَ أنّ السُّدِّي من الشيعة ، فما ضرّه بعدما احتجّ به أهلُ صحاحهم ، ووثّقه علماؤهم ، كما عرفت.
وأما قوله : «لا يعلمون الوضع» ..
فصحيحٌ ؛ فإنّا بحمد الله لا نستحلّه ولا نألفه ، ولا ننقل شيئاً عنهم إلاّ بعد أن نراه ، وقد أوقفناك على محالِّ النقل من كتبهم ، فإنْ صدقوا في روايتها ، فهو المطلوب ، وإنْ كذبوا ، فالذنب منهم وعليهم ، ولسنا مثلهم نختلقُ ما لا أصلَ له ، كما عرفته من هذا الخصم مراراً.
وما زالوا يكذبون على الشيعة ، وينسبون إليهم ما لا أثر له في كتبهم ، ولا يمرُّ على بال أحد منهم (٢)!
__________________
(١) انظر : سير أعلام النبلاء ١٤ / ١٣٢ ـ ١٣٣ رقم ٦٧ ترجمة النسائي وج ١٧ / ١٦٥ و ١٦٨ رقم ١٠٠ ترجمة الحاكم النيسابوري.
وراجع : ج ١ / ٢٣ ـ ٢٤ ، من هذا الكتاب.
(٢) جاء في النسخة المخطوطة ـ هنا ـ ما نصه :
وأما ما زعمه من ردّ ما ذكره المصنّف ، فقد وكلناه إلى إنصاف الحكم.
وما قاله من الشعر غلط على سفالته ؛ لأنّه أراد بالأخلاف : الخلفاء ، وقد