وأما قوله : «وتخالف المتواتر» ..
فمناف لِما سبق منه ، من انحصار المتواتر في خبر أو خبرين (١).
وأمّا ما ذكره في ما يتعلق بالصلاة ، فقد سبق تحقيق الحقّ فيه قريباً ، وأنّ أبا بكر لم يتقدّم للصلاة إلاّ صبح الاثنين يوم وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر عائشة (٢).
ولمّا علم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عرف أنّهم انتهزوا الفرصة ، فتكلّف للخروج أشدّ التكلّف ، ونحّى أبا بكر وابتدأ في الصلاة ، دفعاً للتلبيس الذي صنعوه.
على أنّ الإمامة في الصلاة ليست من الأعمال التي تحتاج إلى تولية حتّى يذكرها الخصم في المقام ؛ فإنّها جائزة عندهم لكلّ مَن يَعرف القراءة ، وإنْ كان جاهلا فاسقاً.
فلو فرض أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أمره بالصلاة في الناس ، لم تثبت له ولاية في الصلاة ولا غيرها.
وأمّا ما رواه عن ابن عبّاس فهو من الكذبات الواضحة ، حتّى منعه بعضهم ..
قال في «السيرة» (٣) : «ومن خصائصه ـ أي النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في ما حكى القاضي عياض ـ : أنّه لا يجوز لأحد أن يؤمّه ؛ لأنّه لا يصحّ التقدّم بين يديه في الصلاة ولا في غيرها ، لا لعذر ولا لغيره ، وقد نهى الله
__________________
(١) انظر : ج ٦ / ٧ ـ ٨ ، من هذا الكتاب.
(٢) راجع : ج ٦ / ٥٥٩ ـ ٥٧٢ من هذا الكتاب ، وانظر الصفحتين ٢١ ـ ٢٢ من هذا الجزء.
(٣) ص ١٥٥ ج ٣ [السيرة الحلبية ٣ / ٤٦٧ ـ ٤٦٨]. منه (قدس سره).