في ذلك فهجرته ، فلم تكلّمه حتّى توفّيت ، وعاشت بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها عليٌّ ليلا ، ولم يُؤْذِن بها أبا بكر ، وصلّى عليها (١).
فأنت ترى أنّ هذه الأخبار صريحة الدلالة على أنّ فدك غير خيبر ، ومثلها في أخبارهم كثير (٢) ، فكيف زعم الخصم أنّها من قُراها؟!
وبهذه الأخبار التي ذكرناها يُعلم أنّ فدك وكلّ ما لم يُوجف عليه بخيل أو رِكاب ملكٌ لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة ..
فقول الخصم : «وكان تحت يد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يكون أموال الفيء تحت أيدي الأئمة» (٣) ، باطل ؛ فإنّ ظاهره أنّه للمصالح العامة لا للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصّة ، وهو مخالف للأخبار السابقة وضرورة الإسلام.
ولعلّه أخذ هذه الدعوى من قول أبي بكر في الحديث الأوّل : «إنّي والله لا أُغيّر شيئاً من صدقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن حالها التي كانت عليها ، ولأعملنّ فيها بما عمل» (٤).
وقوله في الحديث الثاني : «لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعمل به» (٥).
__________________
(١) صحيح البخاري ٥ / ٢٨٨ ح ٢٥٦ ، صحيح مسلم ٥ / ١٥٤.
(٢) انظر : سنن أبي داود ٣ / ١٤٢ ـ ١٤٣ ح ٢٩٦٨ ـ ٢٩٧٠ ، سنن النسائي ٧ / ١٣٧ ، المعجم الأوسط ٥ / ٤٤١ ح ٥٣٣٩ ، مسند أبي عوانة ٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥٣ ح ٦٦٧٧ و ٦٦٧٩ ـ ٦٦٨٤ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٧ / ١٥٦ ح ٤٨٠٣ وج ٨ / ٢٠٥ ـ ٢٠٦ ح ٦٥٧٣.
(٣) تقدّم آنفاً في الصفحة ٧٦.
(٤) تقدّم آنفاً في الصفحة ٨٤.
(٥) تقدّم آنفاً في الصفحة ٨٥.