الأبدان. وسعة الأرزاق. ثمّ جعل فى يديك مفاتيح خزائنه بما أذن لك [فيه] من مسألته ، فمتى شئت استفتحت بالدّعاء أبواب نعمته ، واستمطرت شآبيب رحمته (١) ، فلا يقنطنّك إبطاء إجابته (٢) ، فانّ العطيّة على قدر النّيّة ، وربّما أخّرت عنك الإجابة ليكون ذلك أعظم لأجر السّائل ، وأجزل لعطاء الآمل ، وربّما سألت الشّىء فلا تؤتاه ، وأوتيت خيرا منه عاجلا أو آجلا ، أو صرف عنك لما هو خير لك ، فلربّ أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته. فلتكن مسألتك فيما يبقى لك جماله ، وينفى عنك وباله ، والمال [لا] يبقى لك ، ولا تبقى له
واعلم أنّك إنّما خلقت للآخرة لا للدّنيا ، وللفناء لا للبقاء ، وللموت لا للحياة ، وأنّك فى منزل قلعة (٣) ، ودار بلغة ، وطريق إلى الآخرة ، وأنّك طريد الموت الّذى لا ينجو منه هاربه ، ولا يفوته طالبه ، ولا بدّ أنّه مدركه
__________________
(١) الشؤبوب ـ بالضم ـ الدفعة من المطر ، وجمعه شآبيب. وما أشبه رحمة اللّه بالمطر ينزل على الأرض الموات فيحييها ، وما أشبه نوباتها بدفعات المطر
(٢) القنوط : اليأس
(٣) قلعة ـ بضم القاف وسكون اللام ، وبضمتين ، وبضم ففتح ـ يقال : منزل قلعة ، أى : لا يملك لنازله ، ولا يدرى متى ينتقل عنه. ويجوز فيه وجهان : الوصفية مع تنوين الأول ، والاضافة. والبلغة : الكفاية ، أى : دار تؤخذ منها الكفاية للآخرة.