لها راع يقيمها ، ولا مسيم يسيمها (١)! سلكت بهم الدّنيا طريق العمى ، وأخذت بأبصارهم عن منار الهدى ، فتاهوا فى حيرتها ، وغرقوا فى نعمتها ، واتّخذوها ربّا فلعبت بهم ولعبوا بها ونسوا ما وراءها!!
رويدا يسفر الظّلام (٢) كأن قد وردت الأظعان (٣)! يوشك من أسرع أن يلحق
واعلم [يا بنىّ] أنّ من كانت مطيّته اللّيل والنّهار فانّه يسار به وإن كان واقفا ، ويقطع المسافة وإن كان مقيما وادعا (٤) واعلم يقينا أنّك لن تبلغ أملك ، ولن تعدو أجلك ، وأنّك فى سبيل من كان قبلك ، فخفّض فى الطّلب (٥) وأجمل فى المكتسب ، فانّه ربّ طلب قد
__________________
من إبل ونحوها ، والعاهة : الآفة ، أى : إنهم يسرحون لرعى الآفات فى وادى المتاعب والوعث : الرخو ، ويصعب السير فيه (١) أسام الدابة : سرحها إلى المرعى
(٢) «يسفر» أى : يكشف ظلام الجهل عما خفى من الحقيقة عند انجلاء الغفلة بحلول المنية
(٣) الأظعان : جمع ظعينة ، وهو الهودج تركب فيه المرأة ، عبر به عن المسافرين فى طريق الدنيا إلى الآخرة كأن حالهم أن وردوا على غاية سيرهم
(٤) الوادع : الساكن المستريح
(٥) خفض : أمر من «خفض» بالتشديد ـ أى : ارفق ، و «أجمل فى كسبه» أى : سعى سعيا جميلا : لا يحرص فيمنع الحق ، ولا يطمع فيتناول ما ليس بحق