.................................................................................................
______________________________________________________
إتيان الواجب وعدم جواز تفويت الملاك ، هو تنجيز الوجوب وفعليته وإن كان زمان الواجب متأخراً ، فيقع الكلام في المقام تارة في الحكم التكليفي وأُخرى في الوضعي وثالثة في عدم اختصاص عدم جواز التعجيز بهذه السنة وشموله للسنة الآتية.
أمّا التكليفي فقد عرفت أنه لا يجوز له التعجيز والتفويت بعد التنجيز وإن كان الواجب متأخراً ، لأن الميزان في تقبيح العقل للتفويت والتعجيز هو فعلية الوجوب وتنجيزه ، سواء كان الواجب فعلياً أو استقبالياً.
إنما الكلام في مبدأ هذا الوجوب ، فقد ذكر جماعة أن مبدأه خروج الرفقة ، فلا يجوز له تعجيز نفسه عند خروج الرفقة ويجوز قبله ، وإن كان متمكناً من المسير وذكر المصنف (قدس سره) أن مبدأه هو التمكن من المسير ولا عبرة بخروج الرفقة فلا يجوز له تعجيز نفسه بالتمكن من المسير ولو كان خروج الرفقة متأخراً ، وذهب بعضهم إلى أن العبرة بأشهر الحجّ ، لأنّ التكليف في هذه الأشهر منجز ولا يجوز تفويت الاستطاعة فيها.
والظاهر أنه لا دليل على شيء من ذلك ، بل مقتضى الآية الكريمة والروايات المفسرة للاستطاعة تنجز الوجوب بحصول الزاد والراحلة وما يحج به وتخلية السرب وصحّة البدن ، بحيث لا يكون الحجّ حرجياً ، من دون فرق في حصول ذلك بين أشهر الحجّ وخروج الرفقة والتمكن من المسير ، ومتى حصلت الاستطاعة بالمعنى المتقدم تنجز الوجوب عليه في أي وقت كان ، وأشهر الحجّ إنما هي ظرف الواجب لا أنها ظرف الوجوب ، فلو فرضنا أنه صحيح المزاج والطريق مفتوح وعنده ما يحج به من الزاد والراحلة يجب عليه الحجّ من أوّل حصول الاستطاعة ، فإن الواجب تعليقي بمعنى كون الوجوب فعلياً والواجب استقبالياً ، فلا يجوز له التفويت ولو كان قبل أشهر الحجّ أو قبل خروج الرفقة ، ولذا لو فرضنا أنه لا يتمكن من المسير في شهر شوّال لبُعد المسافة وعدم الوصول إلى الحجّ لو سافر في شهر شوال كما في الأزمنة السابقة بالنسبة إلى بعض البلاد ، وكان متمكناً من المسير في شهر رجب ويمكنه