.................................................................................................
______________________________________________________
الوصول ، يجب عليه الحجّ وليس له تركه معتذراً بأنه في شهر شوال لا يتمكن من المسير لبعد الطريق ، والحاصل : أن الوجوب غير محدد بزمان خاص.
وبما ذكرنا يظهر الحال في الجهة الثالثة وهي عدم جواز تعجيز نفسه في هذه السنة إذا تمكّن من الحجّ في السنة الثانية ، ويجب عليه إبقاء المال إلى العام المقبل ، ولا يجوز له تفويت المال في هذه السنة ، لأنّ العبرة بتحقق الاستطاعة متى حصلت ولم تكن محدّدة بزمان خاص ، من خروج الرفقة أو أشهر الحجّ أو التمكّن من المسير.
وأمّا الجهة الثانية وهي صحّة التصرفات المعجزة الموجبة لفقد الاستطاعة ، مثل الهبة والعتق أو بيع المال بثمن زهيد لا يفي للحج ، فقد فصّل في المتن بين ما إذا كان قصده من ذلك التصرّف الفرار من الحجّ فلا يصحّ ، وبين ما إذا كان قصده لغرض آخر فيصحّ ، وإن كان التصرف ملازماً ومقروناً لترك الحجّ ، وقد أخذ هذا ممّا ذكره الفقهاء في عدة مسائل ، منها : ما لو كان مديناً وسافر ، فقد ذكروا أنه لو كان سفره بقصد الفرار عن أداء الدّين كان السفر محرماً ويجب عليه التمام ، وإن سافر بقصد آخر كالزيارة والسياحة فالسفر مباح ، وإن كان ملازماً لعدم أداء دينه ، لأنّ السفر لم يكن موجباً لعدم أداء دينه.
وقد طبق (قدس سره) هذه الكبرى على المقام ، لأن عنوان الهبة أو البيع لم يكن محرماً في نفسه ، وإنما الحجّ تركه مبغوض ومحرم وهو غير منطبق على الهبة أو البيع بل البيع أو الهبة ملازم لترك الحجّ ، وذلك لا يوجب حرمة الهبة أو البيع ، بخلاف ما إذا وهب أو باع بقصد الفرار عن الحجّ والتوصل إلى الحرام ، فإنه يكون البيع حينئذ محرماً وفاسداً على مبناه من أن النهي عن المعاملة يقتضي الفساد.
أقول : قد ذكرنا في الأُصول أن النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد (١) ، وملخص ما ذكرنا هناك : أنّ ما يتصوّر وجوده في المعاملة ، وما يتعلق به النهي أُمور ثلاثة لا رابع لها ، لأنّ النهي إمّا أن يتعلّق بالمبرِز بالكسر أو المبرَز بالفتح أي اعتبار
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٦.