.................................................................................................
______________________________________________________
ويكون معذوراً في ترك الحجّ ، لأنّه مأمور بالوفاء بالنذر فيكون ترك الحجّ حينئذ سائغاً.
أقول : هذا الكلام إنما نشأ من التزامهم بأخذ القدرة الشرعية في الحجّ ، ومقتضاه أن كل واجب يزاحم الحجّ يرفع موضوع الاستطاعة حتى مثل وجوب رد التسليم.
ولكن لا أساس لما التزموا به أصلاً ، لأنّ الاستطاعة المعتبرة في الحجّ ليست إلّا ملكية الزاد والراحلة وصحّة البدن وتخلية السرب على ما فسرت في النصوص المعتبرة ، وأما اشتراطه بعدم مزاحمته لواجب آخر فلم يثبت. نعم ، يتحقق التزاحم بين الحجّ وواجب آخر فيما إذا لا يتمكن من الجمع بينهما كأداء الدّين ، إلّا أنه في خصوص المقام لا تصل النوبة إلى التزاحم ، لأن الوفاء بالنذر ليس واجباً ابتدائياً نظير وجوب الصلاة والصوم ونحوهما من الواجبات الإلهية ، وإنما هو واجب إمضائي بمعنى أنه إلزام من الله تعالى بما التزم المكلف به على نفسه كالعقود ، فإنها إلزام من المكلف على نفسه ، والله تعالى ألزمه بما التزمه على نفسه وأمره تعالى بالوفاء به فالحكم بوجوب الوفاء بالنذور أو العقود نشأ من التزام المكلف على نفسه شيئاً ، والله تعالى ألزمه بهذا الالتزام وأمره بالوفاء ، فإن الناذر يلزم على نفسه شيئاً والله تعالى يُلزمه بالعمل به على نحو ما التزم به ، والمفروض أنه التزم على نفسه عملاً لله تعالى فلا بدّ من أن يكون العمل الملتزم به لله سبحانه في نفسه قابلاً للإضافة إليه تعالى ومرتبطاً به ، ومن هنا اعتبروا الرجحان في متعلق النذر ، قالوا : ولا ينعقد فيما لا رجحان فيه ولا يرتبط به تعالى أصلاً كنذر الأكل أو بناء البيت ونحو ذلك من المباحات الأصلية التي لا ترتبط به تعالى ، ولعلّ هذا هو المراد من قولهم في النذر أن لا يكون محلِّلاً للحرام ومحرِّماً للحلال ، مع أن هذا لم يرد في النذر وإنما ورد في الشرط.
وبالجملة : النذر هو التزام المكلف على نفسه شيئاً لله تعالى ، نظير ما يلتزم شخص على نفسه شيئاً لشخص آخر ، فلا بدّ أن يكون العمل الملتزم به في نفسه قابلاً للإضافة والاستناد إليه تعالى ولا يكفي مجرد الرجحان في نفسه ، بل لا بدّ في صحّة