.................................................................................................
______________________________________________________
كالتمكّن من الزاد والراحلة مع تخلية السرب وصحّة البدن ، فإطلاق الآية يشمل الاستطاعة البذلية ، لصدق الاستطاعة المفسرة على البذل أيضاً.
وربما يناقش في الاستدلال بالآية بأن الاستطاعة المذكورة فيها وإن كانت في نفسها صادقة على البذل ، ولكن الروايات فسرتها بملكية الزاد والراحلة ، لظهور اللّام في قوله (عليه السلام) : «له زاد وراحلة» في الملكية ، وبعض الروايات وإن كان مطلقاً ولكن وجب تقييده بما دل على الملكية ، فلا تشمل البذل وإباحة الزاد والراحلة.
وفيه : أوّلاً : ما عرفت من أنه لا موجب لحمل المطلق على المقيد وتقييد إطلاق ما يحج به بالملكية ، لعدم التنافي بين حصول الاستطاعة بالملكية وحصولها بالإباحة والبذل كما يقتضيه إطلاق قوله : «ما يحجّ به» ، أو «عنده ما يحجّ به» ، وإنما يحمل المطلق على المقيّد للتنافي بينهما كما إذا وردا في متعلقات الأحكام بعد إحراز وحدة المطلوب ، وأمّا مجرّد المخالفة في الموضوع من حيث السعة والضيق فلا يوجب التقييد فلا منافاة بين حصول الاستطاعة بالملك وحصولها بالإباحة والبذل.
وثانياً : أن الروايات المفسرة للآية مختلفة ، ففي بعضها عبر بمن له زاد وراحلة الظاهر في الملكية ، وفي بعضها ورد ما يحج به أو عنده ما يحجّ به ، أو يجد ما يحج به الظاهر في الأعم من الملك والإباحة (١) فيقع التعارض في الروايات المفسرة والمرجع إطلاق الآية ، والقدر المتيقن في الخروج عن إطلاقها من لا مال له ولا بذل له ، وهذا ممّن لا يجب عليه الحجّ قطعاً وإن كان قادراً عليه بالقدرة العقلية ، ويبقى الباقي وهو من أُبيح له المال للحج مشمولاً للآية.
وثالثاً : أن حرف اللام لا تدل على الملكية وإنما تدل على الاختصاص وهو أعم من الملكية كما في قوله تعالى (لِلّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) (٢).
وبالجملة : نفس الآية الشريفة متكفلة لوجوب الحجّ بالبذل ، والروايات لا تخالف ذلك ، خصوصاً صحيحة معاوية بن عمّار الظاهرة بل الصريحة في كفاية البذل على
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٣٣ / أبواب وجوب الحجّ ب ٨.
(٢) الروم ٣٠ : ٤.