.................................................................................................
______________________________________________________
اعتقد عدم الاستمرار أو كان واثقاً به لا يجب الحجّ ، لأنّ مرجع ذلك إلى عدم تحقق البذل وعدم عرض الحجّ عليه ، ويكون وعده حينئذ مجرد كلام وصورة للبذل ولا واقع له كالمال الموجود الذي يعلم بتلفه فإنه لا يجب الحجّ حينئذ من أوّل الأمر.
والحاصل : أنه لا فرق بين البذل والمال الموجود في حصول الاستطاعة بهما ، ولا يعتبر الوثوق بالبقاء فيهما ، فكلا الأمرين من هذه الجهة من باب واحد.
الثالث : لا فرق في حصول الاستطاعة بالبذل بين بذل نفس المال أو بذل بدله لصدق عرض الحرج على ذلك ، فما عن بعضهم من اشتراط بذل عين الزاد والراحلة ولو بذل أثمانهما لم يجب عليه القبول ، ممّا لا وجه له أصلاً.
الرابع : لو كان له بعض النفقة فبذل له البقية والمتمم يجب عليه القبول أيضاً لصدق الاستطاعة بذلك ، لأن الاستطاعة لا تنحصر ببذل تمام النفقة ، بل لو بذل له المتمم يصدق أن عنده ما يحج به أو يجد ما يحج به ، هذا مضافاً إلى الارتكاز العقلائي ، بيانه : أن الحجّ يجب بالاستطاعة المالية وكذلك يجب بالاستطاعة البذلية ، فيجب الحجّ بالجامع بين المال الموجود الوافي للحج وبين البذل الوافي للحج ، والعبرة بتحقق الجامع ، ولا فرق في وجود الجامع بين وجوده في ضمن كل فرد مستقلا أو منضماً فإن الميزان وجود الجامع ، ولا إشكال في تحققه بوجوده في كل فرد بالاستقلال أو بضم بعض الفردين بالفرد الآخر.
الخامس : هل تعتبر نفقة العود في الاستطاعة البذلية أم لا؟ اختار المصنف اعتبارها ، فلو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب عليه الحجّ.
وما ذكره (قدس سره) على إطلاقه غير تام ، بل يجري فيه جميع ما تقدم في الاستطاعة المالية ، ولا خصوصية للبذل فإن البذل محقق للاستطاعة ، فإن استلزم عدم العود الحرج يعتبر بذل نفقة العود ، وإن كان بقاؤه في مكّة أو ذهابه إلى بلد آخر غير حرجي فلا تعتبر نفقة العود ، فالميزان هو الحرج وعدمه ، وحال نفقة العود في المقام كنفقة العود في الاستطاعة المالية.
ودعوى أن أدلّة البذل منصرفة عما لم يبذل نفقة العود والإياب ، لا شاهد عليها وعهدتها على مدعيها.