التكسّب اللّائق به أو التجارة باعتباره ووجاهته وإن لم يكن له رأس مال يتجر به. نعم ، قد مرّ عدم اعتبار ذلك في الاستطاعة البذلية ، ولا يبعد عدم اعتباره أيضاً في من يمضي أمره بالوجوه اللائقة به كطلبة العلم من السادة وغيرهم ، فإذا حصل لهم مقدار مئونة الذهاب والإياب ومئونة عيالهم إلى حال الرجوع وجب عليهم ، بل وكذا الفقير الذي عادته وشغله أخذ الوجوه ولا يقدر على التكسب إذا حصل له مقدار مئونة الذهاب والإياب له ولعياله ، وكذا كل من لا يتفاوت حاله قبل الحجّ وبعده إذا صرف ما حصل له من مقدار مئونة الذهاب والإياب من دون حرج عليه (١).
______________________________________________________
(١) ذهب أكثر القدماء إلى اعتبار الرجوع إلى الكفاية خلافاً لجماعة آخرين والصحيح هو الأوّل لأدلة نفي الحرج ، فإن من يرجع إلى بلاده ولم يجد ما يصرفه على نفسه أو عياله ولم يكن قادراً على التكسب اللائق بحاله من التجارة والصناعة ونحو ذلك مما يعيش به حسب وجاهته واعتباره يقع في الحرج والمشقة ، وذلك منفي في الشريعة ، ولذا لا نعتبر ذلك في الحجّ البذلي لعدم صرف مال المبذول له في الحجّ ويكون حاله بعد الحجّ كحاله قبل الحجّ. نعم ، لو وقع في الحرج من جهات اخرى كما لو فرضنا أن الشخص كسوب في خصوص أشهر الحجّ ، ولو ذهب إلى الحجّ لا يتمكن من الكسب ويتعطل أمر معاشه في طول السنة يسقط الوجوب بالبذل أيضاً. وكيف كان ، العبرة بحصول الحرج بعد الرجوع سواء كان الحجّ مالياً أو بذلياً.
وأما إذا لم يقع في الحرج كالكسوب الذي يرجع ويشتغل بكسبه العادي أو ينفق عليه من كان ينفق عليه قبل الحجّ كبعض الطلبة والسادة الذين يعيشون بالرواتب المعيّنة من قبل المراجع والعلماء (حفظهم الله) فلا يسقط عنهم الوجوب ، فمن حصل منهم على مئونة الذهاب والإياب ومئونة عياله إلى زمان الرجوع يجب عليه الحجّ فإن حاله قبل الحجّ وبعده سواء.