لو ثبت تعدد ماهية حجّ المتسكِّع والمستطيع تمّ ما ذكر ، لا لعدم إجزاء المستحبّ عن الواجب بل لتعدّد الماهية ، وإن حجّ مع عدم أمن الطريق أو مع عدم صحّة البدن مع كونه حرجاً عليه أو مع ضيق الوقت كذلك فالمشهور بينهم عدم إجزائه عن الواجب ، وعن الدروس الإجزاء إلّا إذا كان إلى حد الإضرار بالنفس وقارن بعض المناسك فيحتمل عدم الإجزاء ، ففرق بين حجّ المتسكِّع وحجّ هؤلاء ، وعلّل الأجزاء بأن ذلك من باب تحصيل الشرط فإنه لا يجب لكن إذا حصّله وجب.
______________________________________________________
والقضاء تم ما ذكر من عدم الإجزاء ، لأن إحداهما غير الأُخرى وإن كانتا متشابهتين صورة. هذا ملخص ما أفاده (قدس سره).
أقول : قد يكون المطلوب على نحو صرف الوجود ، وقد يكون على نحو مطلق الوجود بمعنى أن كل فرد من أفراد الطبيعة له أمر مستقل ، أما إذا كان المطلوب صرف الوجود فالطبيعة المأمور بها واحدة وإنما الاختلاف في الطلب وجوباً واستحباباً باعتبار المكلفين ، فمن أتى بالطبيعة لا يؤمر بها ثانياً ، والمطلوب في باب الصلاة هو صرف الوجود ، بمعنى أن المأمور به إتيان الصلاة من الزوال إلى الغروب ، فإذا أتى بالطبيعة في هذه المدة لا معنى لإتيانها ثانياً لأنها حاصلة ، غاية الأمر أتى بالمأمور به في حال عدم التكليف ، فالإجزاء على القاعدة وإعادتها ثانياً بعد البلوغ تحتاج إلى دليل آخر.
وأمّا الحجّ فالمطلوب فيه الطبيعة على نحو مطلق الوجود ، لأن إطلاق ما دل على وجوب الحجّ على تقدير حصول الاستطاعة يقتضي وجوبه متى حصلت الاستطاعة سواء حجّ قبل ذلك أم لا ، والأمر في عام الاستطاعة غير الأمر الندبي المتقدم على عام الاستطاعة ، وكل سنة له أمر وتكليف وما أتى به في السنة الماضية غير ما أُمر به في السنة الحالية ، وإذا حصلت الاستطاعة في السنة الجديدة يوجد أمر جديد ويحدث تكليف جديد لا بدّ من امتثاله ، ولا مسقط للأمر الجديد المتوجه إليه في السنة