.................................................................................................
______________________________________________________
نعم ، ظاهر صحيح زرارة عدم الإجزاء قبل أن ينتهي إلى مكّة والإجزاء إذا انتهى إليها ، قال «قلت : فإن مات وهو محرم قبل أن ينتهي إلى مكّة؟ قال : يحجّ عنه إن كان حجّة الإسلام» (١) إلّا أنه لا بدّ من رفع اليد عن ظهوره لصراحة تلك الروايات في الإجزاء بدخول الحرم ، فإنها أقوى دلالة من صحيح زرارة ، لأنّ دلالتها بالمنطوق ودلالته بالمفهوم ، ويحتمل إرادة الحرم من كلمة مكّة المذكورة في صحيحة زرارة وشمولها للحرم باعتبار توابعها ونواحيها ، مع العلم بأن الفصل بين الحرم ومكّة قليل جدّاً ، فلا يبعد دعوى شمول مكة لذلك كما هو الحال في إطلاق سائر أسامي البلاد والأمكنة.
وأمّا إذا مات قبل دخول الحرم وبعد الإحرام فالمشهور عدم الإجزاء ويجب القضاء عنه لاشتغال ذمّته بالحج ، ولا دليل على الإجزاء بمجرّد الإحرام ، والدليل إنما دلّ على الإجزاء بعد الإحرام ودخول الحرم ، خلافاً لما عن الشيخ (٢) وابن إدريس (٣) فقالا بالإجزاء ، وليس لهما دليل إلّا إشعار بعض الأخبار كصحيح بريد العجلي : «قال : وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجّة الإسلام» (٤) ، فإن قوله : «قبل أن يحرم» يراد به قبل الإحرام ومفهوم ذلك الإجزاء إذا مات بعد الإحرام ، فالميزان بالإحرام وعدمه لا بدخول الحرم وغيره.
وما احتمله المصنف (قدس سره) من أن قوله : «قبل أن يحرم» يراد به قبل أن يدخل الحرم كما يقال : أنجد إذا دخل نجد ، وأيمن إذا دخل اليمن ، بعيد جدّاً.
ولكن يرد على الاستدلال بصحيح بريد وجوه :
الأوّل : أن إطلاق مفهوم ذيله المستشهد به على الإجزاء يعارض إطلاق مفهوم
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٩ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٦ ح ٣.
(٢) لاحظ النهاية : ٢٨٤ ، المبسوط ١ : ٣٠٦ ، الخلاف ٢ : ٣٩٠.
(٣) السرائر ١ : ٦٤٩.
(٤) الوسائل ١١ : ٦٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٦ ح ٢.