خلافاً لما عن الشيخ وابن إدريس فقالا بالإجزاء حينئذ أيضاً ، ولا دليل لهما على ذلك إلّا إشعار بعض الأخبار كصحيحة بريد العجلي حيث قال فيها بعد الحكم بالإجزاء إذا مات في الحرم «وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل جمله وزاده ونفقته في حجّة الإسلام» فإن مفهومه الإجزاء إذا كان بعد أن يحرم لكنّه معارض بمفهوم صدرها وبصحيح ضريس وصحيح زرارة ومرسل المقنعة مع أنه يمكن أن يكون المراد من قوله : «قبل أن يحرم» قبل أن يدخل في الحرم كما يقال : «أنجد» أي دخل في نجد و«أيمن» أي دخل اليمن ، فلا ينبغي الإشكال في عدم كفاية الدخول في الإحرام ، كما لا يكفي الدخول في الحرم بدون الإحرام ، كما إذا نسيه في الميقات ودخل الحرم ثمّ مات ، لأنّ المنساق من اعتبار الدخول في الحرم كونه بعد الإحرام ، ولا يعتبر دخول مكّة ، وإن كان الظاهر من بعض الأخبار ذلك لإطلاق البقية في كفاية دخول الحرم ، والظاهر عدم الفرق بين كون الموت حال الإحرام أو بعد الإحلال ، كما إذا مات بين الإحرامين.
وقد يقال بعدم الفرق أيضاً بين كون الموت في الحل أو الحرم بعد كونه بعد الإحرام ودخول الحرم ، وهو مشكل لظهور الأخبار في الموت في الحرم (١).
______________________________________________________
بحاج وأوضح منه مفهوم صحيح زرارة المتقدم قال «قلت : فان مات وهو محرم قبل أن ينتهي إلى مكّة» فيعلم أن العبرة في الإجزاء بالإحرام ودخول الحرم.
(١) ما ذكره وإن كان أحوط ولكن لا يبعد الإجزاء إذا مات في الخارج ، إذ لا خصوصية للموت في الحرم ، والموت في الحرم إنما جعل مقابلاً للموت خارج الحرم في النص باعتبار أنه إن مات بعد الدخول في الحرم يجزئ وإن مات قبل الدخول في الحرم لا يجزئ ، فموضوع القضاء وعدم الإجزاء هو الموت قبل الدخول في الحرم ولا يشمل الموت خارج الحرم بعد الدخول فيه والخروج منه.
وأوضح من ذلك دلالة صحيح زرارة ، حيث لم يؤخذ في الإجزاء الموت في مكّة