وإن فقدت بعد ذلك ، لأنّه كان مأموراً بالخروج معهم ، والأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة المالية والبدنية والسربية ، وأمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال (*) ، وذلك لأن فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعاً وأن وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهرياً ، ولذا لو علم من الأوّل أن الشرائط لا تبقى إلى الآخر لم يجب عليه. نعم ، لو فرض تحقق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء تلك الشرائط إلى آخر الأعمال لعدم الحاجة حينئذ إلى نفقة العود والرجوع إلى كفاية وتخلية السرب ونحوها. ولو علم من الأوّل بأنه يموت بعد ذلك فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب عليه المشي وإن كان بعده وجب عليه ، هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستنداً إلى ترك المشي وإلّا استقر عليه ، كما إذا علم أنه لو مشى إلى الحجّ لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلاً فإنه حينئذ يستقرّ عليه الوجوب
______________________________________________________
وملخّص الكلام : أن الاستقرار يتحقق ببقاء الاستطاعة إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه وإلّا فيكشف عن عدم الوجوب واقعاً ، ولذا لو علم بالموت في الأثناء لا يجب الخروج إلى الحجّ ، لأنّ حدوث الموت في الأثناء يكشف عن عدم الوجوب وأمّا إذا علم بالموت بعد تمام الأعمال يجب الخروج ، لأنّ الموت بعد الأعمال غير ضائر بصحة الأعمال السابقة ، فالحكم بوجوب الخروج في فرض الجهل حكم ظاهري ولو لم يخرج يكون متجرياً ، فالذي يحقق الاستقرار هو الوجوب الواقعي لا الظاهري المنكشف خلافه ، ويستثنى من بقاء الشرائط إلى زمان العود الحياة والعقل ويكفي بقاؤهما إلى آخر الأعمال ، ولا دليل على اعتبار بقائهما إلى زمان العود إلى وطنه.
__________________
(*) أي أعمال الحجّ ، وأما طواف النساء فلا يشترط إمكان الإتيان به.