.................................................................................................
______________________________________________________
لا ينحل إلى حكمين ، فإن الواجب ما يكون فعله واجباً ولا يكون تركه بمحرم وكذا الحرام ما يكون فعله مبغوضاً ومنهياً عنه ولا يكون تركه واجباً ، فإن الوجوب ينشأ من مصلحة ملزمة في الفعل والحرمة تنشأ من مفسدة في الفعل. مضافاً إلى ذلك كله أن المتصف بالوجوب إنما هو المقدمة الموصلة لا كل مقدمة فالواجب هو ترك الضد الموصل إلى الواجب.
وأمّا ما ذكره البهائي (رحمه الله) فقد أجاب عنه غير واحد بكفاية المحبوبية في حد نفسه في الحكم بالصحّة وإن لم يؤمر به بالفعل لمانع من الموانع ، وما ذكروه من حيث الكبرى تام ولكن إثبات الصغرى ممنوع ، إذ لا يمكن إحراز المحبوبية إلّا عن طريق الأمر ولا كاشف عن الملاك إلّا الأمر فإن لم يكن أمر في البين كما هو المفروض لا يمكن إثبات المحبوبية ، فكلام البهائي في نفسه صحيح وحاصله أنه لو لم يكن في البين أمر لا يمكن الحكم بالصحّة.
والصحيح في الجواب عنه : أنّ الأمر موجود ، لأنّ الأمر بالضدّين إنما يمتنع جمعاً وعرضاً وأما الأمر الترتبي الطولي فلا مانع منه أصلاً ، لأنّ اعتبار القدرة في التكاليف إنما هو بحكم العقل ويسقط التكليف عند عدم التمكن وعدم القدرة ، والتقييد بالقدرة عقلاً إنما هو بمقدار الضرورة ، وغير المقدور إنما هو الجمع بين الضدّين والأمر بهما عرضاً ، وأما الأمر الطولي في فرض عصيان الأمر الآخر فلا مانع عنه فيأتي به بداعي الأمر المتوجه إليه ، ولا موجب للتقييد ، بل لا مانع من الأخذ بإطلاق هذا الأمر ، وهذا هو الترتب الذي قلنا بأنه من أوضح الممكنات ، ولذا ذكرنا أن الترتّب لا يحتاج إلى دليل بخصوصه بل نفس إطلاق الأمر بالمهم يكفي ، وذكرنا أن إمكانه مساوق لوقوعه ، وينطبق ذلك على المقام تماماً ، ففي فرض عصيان الأمر بإتيان حجّ نفسه يأتي بالحج النيابي بداعي الأمر المتوجه ولا مانع من فعليته في فرض عصيان الأمر بضدّه الأهم.
ولكن شيخنا الأُستاذ (قدس سره) ذكر أن الترتب لا يجري في الحجّ لأن الترتب إنما يجري في الواجبين المقيّدين بالقدرة العقلية ، وأما إذا كان أحد الواجبين مقيداً