.................................................................................................
______________________________________________________
والتكاليف كالصلاة فإنّ الصلاة قضاء عن الغير لا تجزئ عن صلاة نفسه قطعاً ، وليس المقام من باب التداخل بلا شك ، من دون حاجة إلى الإجماع ونحوه ، لاختلاف الحقيقة واستقلال كل منهما بالأمر ، ومجرد التشابه صورة في الأفراد لا يجدي في وحدة يختلف حقيقته عن حجّ الغير ، ومجرد الاشتراك في الأعمال والمناسك لا يوجب وحدة الحقيقة ، فلا ريب أنه لو صلّى عن الغير أو حجّ عنه لا معنى لإجزاء ذلك عن عمل نفسه.
وأمّا الثاني : وهو الحجّ التطوعي فاختار المصنف (قدس سره) عدم إجزائه عن حجّ الإسلام كالحج عن الغير ، ونسب إلى الشيخ أنه يقع عن حجّة الإسلام (١) وأورد عليه المصنف (قدس سره) بأن المطلوب هو الإتيان بالواجب بقصد ما عليه ، ومجرّد الإتيان بذات الأعمال الواجبة لا يجدي في سقوط الواجب ما لم يقترن بذلك القصد.
ولكن الظاهر أن ما ذكره الشيخ من الإجزاء عن حجّة الإسلام هو الصحيح ، بيان ذلك : أن المستفاد من الروايات أن المكلف يقسم إلى قسمين : البالغ وغير البالغ والحر والعبد وكل منهما له الأمر بالحج ، أحد الأمرين وجوبي والآخر ندبي ، والأمر الندبي متوجه إلى شخص والوجوبي إلى شخص آخر ، وليس شخص واحد يتوجه إليه الأمران ، وكذلك المستطيع وغير المستطيع فإن المستطيع يتوجه إليه الأمر الوجوبي بحجة الإسلام وغير المستطيع يتوجه إليه الأمر الندبي ، فالمستطيع له أمر واحد وهو الأمر بحجّ الإسلام ، ولا يعتبر علمه بذلك كما لا يضر عدم علمه به ، ولذا لو كان مستطيعاً وعلم بوجوب الحجّ ولكن لا يعلم بأنه حجّة الإسلام التي تختص بالمستطيع لا ريب في الإجزاء.
وعلى ما ذكرنا لو أتى المستطيع بالحج التطوعي تشريعاً بطل حجّه بالمرّة حتى بعنوان التطوّع ، ولا يقع عن حجّة الإسلام كما لا يقع تطوعاً ، لأن العمل مبغوض لا يمكن التقرّب به ، ولا إضافته إليه تعالى ، وأما إذا أتى به لا تشريعاً بل مشتبهاً كما قد
__________________
(١) المبسوط ١ : ٣٠٢.