.................................................................................................
______________________________________________________
يتّفق ذلك لبعض العوام كما لو فرض أنه لا يعلم بوجوب إتيان حجّ الإسلام فوراً ويحجّ في هذه السنة بقصد التطوع بداع من الدواعي العقلائية ، بأن يتعلم كيفية إتيان الأعمال حتى يأتي بها عن بصيرة في السنة التي يحج حجّ الإسلام فلا مانع من الحكم بالصحة وإجزائه عن حجّة الإسلام ، لأن الأمر المتوجه إلى المستطيع إنما هو أمر واحد متعلق بحجّ الإسلام وليس في البين أمر آخر بفرد آخر مغاير للأمر بحجّ الإسلام ، والمفروض إتيان المكلف بذات المأمور به وقصد القربة وأضاف العمل إلى المولى ، وليس حجّ الإسلام إلّا الحجّ الأوّل الصادر من المستطيع وليس المقام من باب التداخل ، لأنّ التداخل إنما يتحقق في مورد تعدّد الأمر ، وأمّا إذا لم يكن إلّا أمر واحد وطبيعة واحدة وهو الأمر الوجوبي المسمّى بحجّة الإسلام فلا معنى للتداخل ، غاية الأمر أن المكلف يتخيل أن ما أتى به أمر ندبي إلّا أنه لا أثر لخياله ووهمه ، وذكرنا في محله أن قصد الوجوب والندب غير لازم وإنما المعتبر في صحّة العبادة قابلية الفعل في نفسه للإضافة إليه تعالى والمفروض تحقق ذلك فلا موجب للبطلان ، ولذا لو حجّ وتخيل أنه غير مستطيع أو تخيل أنه غير بالغ ثمّ انكشف الخلاف لا إشكال في الإجزاء لأنه ليس في البين إلّا أمر واحد وقد أتى بجميع الأعمال والمناسك وأضافها إلى المولى ، غاية الأمر يتخيل أنه أمر ندبي وهو غير ضائر ، بل التعبير بالإجزاء فيه مسامحة ، لأنّ ما أتى به هو ذات الواجب بنفسه لا أنه مغاير للحجّ الاستطاعتي حتى يقال بالإجزاء أو عدمه.
والحاصل : حجّ الإسلام ليس إلّا الحجّ الذي يصدر من المستطيع بقصد نفسه في سنة الاستطاعة وهذا العنوان ينطبق على الحجّ الذي أتى به في سنة الاستطاعة ، وجميع ما ذكرنا في حجّ الإسلام يجري في الحجّ النذري أو غيره من الحجّ الواجب عليه الذي كان وجوبه فورياً ، فإن حاله حال حجّ الإسلام من عدم إجزاء الحجّ عن الغير عن حجّ نفسه ولو خالف وحجّ عن الغير صحّ أم لا ، على التفصيل المتقدِّم. هذا تمام الكلام في شرائط وجوب حجّة الإسلام.