بإمكان إسلامه ثمّ إتيانه فهو مقدور لمقدورية مقدّمته فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات ، ويعاقب على مخالفته ويترتب عليها وجوب الكفّارة فيعاقب على تركها أيضاً ، وإن أسلم صح إن أتى به ويجب عليه الكفّارة لو خالف ولا تجري فيه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها عن المقام. نعم ، لو خالف وهو كافر وتعلق به الكفّارة فأسلم لا يبعد دعوى سقوطها عنه كما قيل.
______________________________________________________
وحديث الجبّ المشهور لا يجري في المقام لانصرافه عنه ، وأما لو قلنا بأنه لا مانع من جريان حديث الجبّ في المقام ودعوى الانصراف غير تامة فلا يمكن الحكم بالصحة لأنه حين كفره لا يصحّ منه العمل وحين إسلامه يسقط وجوبه لحديث الجب.
وبعبارة اخرى : تكليفه بالوفاء بالنذر غير معقول ، لأنه حين الكفر لا يتمكّن من الامتثال وبعد إسلامه يسقط عنه على الفرض ، وقد مر تفصيل هذا الإشكال في باب قضاء الصلاة على الكافر (١).
والذي ينبغي أن يُقال : إن حديث الجبّ غير ثابت فلا يمكن الاعتماد عليه في شيء من الأحكام ، ولكن الثابت قطعاً من السيرة النبوية والأئمة (عليهم السلام) عدم مؤاخذة الكافر بمخالفته للأحكام الإسلامية حال كفره وعدم مطالبته بقضائها ، ولم يؤمر أحد ممن اختار الإسلام بقضاء الصلوات والصيام وغير ذلك من الواجبات فنتيجة الجبّ حاصلة.
وممّا ذكرنا عرفت أنه لا مجال لدعوى انصراف الجب أو عدمه عن المقام ، لأنّ الانصراف أو عدمه من شؤون الدليل اللفظي والمفروض أن الجبّ ثبت بالسيرة القطعية ، ولكنها مختصة بالأحكام التي جاءت بها الشريعة الإسلامية وأما غير ذلك من الأحكام العقلائية الثابتة مع قطع النظر عن الإسلام كالديون فلا يشملها الجبّ ولا السيرة ، فلو كان الكافر مديوناً حال كفره ثمّ أسلم يجب عليه وفاء دينه ولا يسقط ذلك عنه بالإسلام ، وأما الالتزام بالوفاء بالنذر فإن كان ثابتاً في كل شريعة
__________________
(١) بعد المسألة [١٧٧٧].