الإحجاج كذلك مع كونه مالياً قطعاً فنذر الحجّ بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل. وفيه : أن الأصحاب لم يعملوا بهذين الخبرين في موردهما فكيف يعمل بهما في غيره.
وأمّا الجواب عنهما بالحمل على صورة كون النذر في حال المرض بناء على خروج المنجزات من الثلث فلا وجه له بعد كون الأقوى خروجها من الأصل. وربما يجاب عنهما بالحمل على صورة عدم إجراء الصيغة ، أو على صورة عدم التمكّن من الوفاء حتى مات ، وفيهما ما لا يخفى خصوصاً الأوّل (١)
______________________________________________________
(١) ذكر (قدس سره) أنه لو نذر الحجّ ولم يقيده بزمان فله التأخير إلّا إذا ظنّ الموت أو الفوت ، فما لم يظن الموت أو الفوت لا تجب عليه المبادرة إلّا إذا كان هناك انصراف إلى الفورية ، فلو مات في صورة جواز التأخير لا يكون عاصياً لعدم كون التكليف منجزاً عليه والعصيان إنما يتحقق فيما إذا كان التكليف منجزاً ، فإن القول بجواز التأخير له وعصيانه لا يجتمعان ، لأنّ العصيان يدور مدار التنجيز لا الترك الواقعي.
أقول : ما ذكروه من عدم دلالة الأمر على وجوب المبادرة صحيح لما حقق في الأُصول من أن الأمر إنما يدلّ على إيجاد الطبيعة من دون دلالته على الفور أو التراخي (*) ، إلّا أنّ الفقهاء (قدس سره) قيدوا جواز التأخير في المقام بظن الموت أو الفوت أي : إذا ظنّ الموت أو الفوت لا يجوز له التأخير وإنما يجوز له التأخير فيما إذا لم يظنّ الموت أو الفوت ، فإن ظنّ الموت أو الفوت تجب عليه المبادرة إن تمكّن من إتيان ما وجب عليه من الواجبات وإلّا فيوصي بذلك ، سواء كان من الواجبات العبادية أم غيرها كالديون.
هذا ولكن لا دليل على اعتبار الظن في المقام ، وعليه لو قلنا بجواز التأخير يجوز له
__________________
(*) محاضرات في أُصول الفقه ٢ : ٢١٣.