.................................................................................................
______________________________________________________
التأخير مطلقاً وإن ظن الموت أو الفوت ، ولكن الظاهر عدم جواز التأخير إلّا مع الاطمئنان بإتيان الواجب في آخر الوقت أو يكون التأخير مستنداً إلى العذر ، لا لدلالة الأمر على الفور ، لما عرفت من عدم دلالته إلّا على إيجاد الطبيعة ، بل لأنّ مقتضى حكم العقل بعد اشتغال ذمّة العبد بالواجب إفراغ ذمته عما وجب عليه وخلاص نفسه عن تكليف المولى ، فإن التكليف إذا وصل وتنجز عليه ليس له التأخير عن أدائه ما لم يكن هناك مؤمّن من العذر في التأخير أو حصول الاطمئنان له بالوفاء في آخر الوقت ، وإن لم يحصل أحد الأمرين فليس له التأخير بعد حكم العقل بلزوم تفريغ الذمّة وتسليم ما عليه إلى المولى ، فلا يجوز له التأخير إلى ظن الموت كما لا تجب عليه المبادرة إذا حصل له الاطمئنان بالوفاء.
وممّا ذكرنا يظهر الفرق بين القول بالفورية وبين المختار ، فإنه على الأوّل يجب عليه الإتيان فوراً وإن حصل له الاطمئنان بإتيان الواجب في آخر الوقت لدلالة الأمر على الفور ، وأمّا على ما ذكرنا فلا تجب عليه المبادرة إذا حصل له الاطمئنان بالإتيان ، كما أنه ظهر الفرق بيننا وبين القائلين بجواز التأخير فإنهم جوزوا التأخير في صورة الشك وعدم الاطمئنان بالإتيان ولكنا لم نجوز التأخير في هذه الصورة وإنما نجوزه في صورة الاطمئنان.
وبالجملة : لا بدّ من إحراز الخروج عن عهدة التكليف من حصول المؤمّن إما بالقطع أو الاطمئنان العقلائي أو قيام طريق شرعي كالبيّنة أو كان معذوراً في التأخير ، فلو كان شاكاً في إمكان الامتثال لا يجوز له التأخير وإن لم يظن الموت فالقول بجواز التأخير إلى ظن الموت على إطلاقه لا وجه له.
وربما يقال بقيام طريق معتبر على إمكان الامتثال في آخر الوقت وهو استصحاب حياته أو قدرته إلى آخر الوقت فلا يكون عاصياً إذا مات ، لقيام الطريق في المقام واستناد التأخير إلى العذر.
وفيه : لو صحّ ذلك لصح إجراء الاستصحاب حتى مع الظنّ بالموت فلا وجه لتقييد جواز التأخير بظن الموت. على أن الاستصحاب مثبت ، لأنّ الواجب على المكلف