.................................................................................................
______________________________________________________
المتقدِّمة وصحيحة ابن أبي يعفور (١) الدالتين على أن من نذر الإحجاج ومات قبله يخرج من ثلثه ، ولو كان نذر الإحجاج كذلك مع كونه مالياً محضاً فنذر الحجّ بنفسه أولى بعدم الخروج من الأصل.
وفيه أوّلاً : أنّ الأصحاب أعرضوا عن هذين الخبرين ولم يفتِ أحد بالحكم المذكور في موردهما ، فحينئذ إن قلنا بعدم وجوب القضاء أصلاً كما هو المختار فلا كلام ، ولو قيل بالقضاء فلا بدّ من الخروج من الأصل لأنه واجب مالي ، وحاله حال سائر الديون كما اختاره جماعة أُخرى.
وثانياً : لو لم نقل بسقوط الخبر المعتبر عن الحجية بالإعراض كما هو الصحيح عندنا نلتزم بالخروج من الثلث في خصوص مورد الخبرين وهو نذر الإحجاج ، ولا وجه للتعدي من موردهما إلى الحجّ المنذور بنفسه ، والأولوية المدعاة ممنوعة ، لأن الحجّ المنذور النفسي يمتاز عن سائر الواجبات لكونه واجباً مالياً وحاله حال الدّين في الخروج من الأصل ، وأمّا نذر الإحجاج فهو مجرد تسبيب إلى العمل وإلى إتيان أفعال الحجّ ، ولا يصح إطلاق الدّين عليه في نفسه.
ودعوى إن الإحجاج واجب مالي محض واضحة الدفع لإمكان إحجاج الغير بدون بذل المال له أصلاً ، كما إذا التمس من أحد أن يحج أو يلتمس من شخص آخر أن يُحج الغير ونحو ذلك من التسبيبات إلى حج الغير من دون بذل المال.
وبالجملة : لو كنا نحن والقاعدة لقلنا بعدم وجوب قضاء نذر الإحجاج لا من الأصل ولا من الثلث كسائر الواجبات المنذورة التي لا يجب قضاؤها لا من الأصل ولا من الثلث ، والحكم المذكور في الخبرين حكم على خلاف القاعدة ويقتصر على موردهما ، والأولوية المذكورة ممنوعة كما عرفت لأن الحجّ النذري يمتاز عن سائر الواجبات ، فإنه كالدين فيخرج من الأصل ، ولا يقاس بنذر الإحجاج الذي يمكن عدم صرف المال فيه أصلاً ، فالتعدِّي بلا موجب.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٧٥ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٩ ح ٣.