.................................................................................................
______________________________________________________
فلا بدّ من التفصيل بين الحجّ وغيره من الواجبات ، لا التفصيل بين نذر الحجّ ونذر غير الحجّ إذ لا خصوصية للنذر حينئذ ، بل لو كان الحجّ في ضمن عقد لازم مثلاً أو صار واجباً بسبب آخر غير النذر يلزم خروجه من أصل المال لامتياز الحجّ عن سائر الواجبات ، مع أنه لم يلتزم أحد من الفقهاء بذلك ولم يتعرضوا لذلك أصلاً.
وأمّا بحسب الروايات فقد ورد تنزيل الحجّ منزلة الدّين في موردين :
أحدهما : حجّة الإسلام ، فإن النصوص دلت على أنها دين أو بمنزلته بل المستفاد منها تقديم حج الإسلام على الديون الشخصية (١) وهذا ممّا لا كلام فيه.
ثانيهما : نذر إحجاج الغير لا نذر الحجّ عن نفسه كما في صحيحة ضريس قال : «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل عليه حجّة الإسلام نذر نذراً في شكر ليحجّنّ به رجلاً إلى مكّة فمات الذي نذر قبل أن يحج حجّة الإسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر ، قال : إن ترك مالاً يحج عنه حجّة الإسلام من جميع المال وأُخرج من ثلثه ما يحجّ به رجلاً لنذره وقد وفى بالنذر ، وإن لم يكن ترك مالاً إلّا بقدر ما يحج به حجّة الإسلام حج عنه بما ترك ، ويحج عنه وليه حجّة النذر ، إنما هو مثل دين عليه» (٢).
والظاهر أن إطلاق لفظ الدّين على نذر إحجاج الغير إنما هو بلحاظ تشبيهه بالدين من حيث قيام الولي بذلك ، يعني : كما أنّ وليّ الميت له التصدِّي لأداء ديونه كذلك له أن يقوم بالحج عنه في مورد نذر الإحجاج إذا لم يتمكن هو من ذلك ، ولو كان ديناً حقيقياً لزم خروجه من الأصل لا من الثلث. وبالجملة : لم يطلق الدّين على مطلق الحجّ إلّا على هذين الموردين فحال الحجّ حال سائر الواجبات فلا فرق بين الحجّ وغيره ، والقضاء غير ثابت على نفسه فضلاً على الولي بعد موته.
ثمّ إنه ذهب جماعة إلى وجوب القضاء من الثلث واستدلوا بصحيحة ضريس
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٦٧ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٥ ح ٤ ، ٥.
(٢) الوسائل ١١ : ٧٤ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢٩ ح ١.