.................................................................................................
______________________________________________________
فإنّ صورة ذلك كلّه متحدة ، ولكنّها حقائق مختلفة.
وبالجملة : وحدة الصورة لا تكشف عن وحدة الحقيقة ، بل الأدلة والروايات تدل على العكس ، فإن الروايات الواردة في المقام الدالة على عدم إجزاء حجّ الصبي عن حجّة الإسلام تكشف عن اختلاف الحقيقة ، وكذا الروايات الواردة في عدم إجزاء حجّ العبد ، وكذا حجّ المتسكع ، فإن الحكم بالإجزاء أو عدم الإجزاء يكشف عن اختلاف الحقيقة ، وأن حجّة الإسلام لها عنوان خاص تختلف حقيقته عن حجّ الصبي وإن كان مشابهاً مع حجّ الصبي صوره ، فإن حجّ الإسلام مما بُني عليه الإسلام بخلاف حجّ الصبي ، ولذا لا يكون مجزئاً عن حجّ الإسلام.
وبعبارة اخرى : هذه الروايات الدالة على الإجزاء وعدمه تكشف عن الاختلاف في الحقيقة بين المجزي والمجزى عنه ، فإن المجزي غير المجزى عنه ، إذ لا معنى لكون الشيء مجزئاً عن نفسه ، فإن أجزاء شيء عن شيء يقتضي الاثنينية والاختلاف بينهما.
ولو سلمنا أن الحجّ حقيقة واحدة فلا نسلم المقدمة الثانية ، فإن إطلاق الروايات الدالّة على عدم إجزاء حجّ الصبي يشمل ما إذا بلغ أثناء العمل وقبل إتمامه كصحيحة إسحاق بن عمار (١) ، فإن صدرها وإن كان وارداً بالنسبة إلى الصبي وهو ابن عشر سنين ، وتصوير البلوغ بالاحتلام في أثناء الحجّ في حقه بعيد جدّاً ، ولكن ذيلها وارد في الجارية وأنّ عليها الحجّ إذا طمثت ، وتصوير حدوث الطمث من الجارية أثناء الحجّ أمر ممكن. وبالجملة : مقتضى إطلاق الصحيحة عدم الفرق في عدم الإجزاء بين حدوث الطمث بعد تمام الأعمال وبين حدوثه في أثناء الحجّ ، ويؤيد الإطلاق المذكور ما التزموا به من عدم الإجزاء إذا بلغ بعد الموقفين وقبل إتمام بقية الأعمال ، والظاهر أنهم استندوا في هذا الحكم إلى هذه الروايات ، ويكشف ذلك عن إطلاق الروايات ويبعد استنادهم إلى الإجماع التعبّدي.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٤٤ / أبواب وجوب الحجّ ب ١٢ ح ١.