.................................................................................................
______________________________________________________
وربما يُقال بأنّ الصحيحة معارضة برواية سماعة وحفص (١) الدالّة على انعقاد النذر بالمشي حافياً ، والجمع بينهما يقتضي حمل الرواية على الاستحباب ، وفيه : أن الحمل على الاستحباب لا معنى له في أمثال المقام ، لأن الكلام في الانعقاد وعدمه وصحّة النذر وعدمها ، ولا معنى للحمل على الاستحباب في الحكم الوضعي ، فمقتضى القاعدة هو التساقط والرجوع إلى دليل آخر. على أن رواية سماعة وحفص بكلا طريقيها ضعيفة السند ، لأنّ أحمد بن عيسى يرويها عن سماعة وحفص تارة وعن محمّد بن قيس اخرى ، ولا ريب في سقوط الوسائط بينه وبين الرواة.
والصحيح أن يقال : إن صحيحة الحذاء يعارضها صحيحة رفاعة وحفص المروية في كتاب النذر ، قال : «سألت قالا سألنا أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله حافياً ، قال : فليمش فإذا تعب فليركب» (٢) ، فالمرجع هو عموم وجوب الوفا بالنذر (٣).
وللمجلسي (قدس سره) كلام في المقام لا بأس بنقله وحاصله : أن المستفاد من صحيح رفاعة وحفص الوارد في باب النذر بطلان النذر بالحفاء ، فإن قوله (عليه السلام) : «فليمش» معناه أنه يمشي مشياً متعارفاً متنعلاً بلا حفاء ، فهذه الخصوصية ساقطة لا أصل المشي كما اختاره في الدروس (٤) وصحيحة الحذاء أيضاً دالّة على مرجوحية الحفاء وبطلان النذر بالنسبة إليه ، فالروايتان متفقتان على سقوط خصوصية الحفاء وبطلان النذر بالنسبة إليه ، وأما المشي المتعارف فيقع التعارض بين صحيح الحذاء وصحيح رفاعة ، لأنّ المستفاد من صحيح الحذاء مرجوحية المشي أيضاً ، لأمره (صلّى الله عليه وآله وسلم) أُخت عقبة بن عامر بالركوب وقال (صلّى الله عليه وآله وسلم) فإن الله غني عن مشيها وحفاها. وأمّا صحيح رفاعة فيدلّ على
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٨٨ / أبواب وجوب الحجّ ب ٣٤ ح ١٠.
(٢) الوسائل ٢٣ : ٣٠٧ / كتاب النذر ب ٨ ح ٢.
(٣) كقوله تعالى في سورة الحجّ ٢٢ : ٢٩ (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ).
(٤) الدروس ١ : ٣١٨.