وقد يتخيّل البطلان (*) من حيث إنّ المنوي وهو الحجّ النذري لم يقع وغيره لم يقصد ، وفيه : أن الحجّ في حدّ نفسه مطلوب وقد قصده في ضمن قصد النذر وهو كاف ، ألا ترى أنه لو صام أياماً بقصد الكفارة ثمّ ترك التتابع لا يبطل الصيام في الأيام السابقة أصلاً وإنما تبطل من حيث كونها صيام كفارة ، وكذا إذا بطلت صلاته لم تبطل قراءته وأذكاره التي أتى بها من حيث كونها قرآناً أو ذكراً.
وقد يستدلّ للبطلان إذا ركب في حال الإتيان بالأفعال بأن الأمر بإتيانها ماشياً موجب للنهي عن إتيانها راكباً ، وفيه : منع كون الأمر بالشيء نهياً عن ضده ومنع استلزامه البطلان على القول به ، مع أنه لا يتم فيما لو نذر الحجّ ماشياً مطلقاً من غير تقييد بسنة معيّنة ولا بالفورية لبقاء محل الإعادة.
______________________________________________________
وأظنّ أنّ كلمة «خصوصاً» سهو من قلمه الشريف ، إذ لا خصوصية للصورة الأخيرة من حيث الصحّة ، والصحيح أن يقال : حتى الأخيرة.
أمّا الصحّة في الصورة الأُولى وهي ما إذا كان المنذور طبيعي الحجّ من حيث السنة ومن حيث أنواع الحجّ ، فلا ينبغي الريب في الصحّة ولا موجب لتوهم الفساد أصلا.
وأمّا الثانية وهي ما إذا قيّد المشي بسنة معيّنة وحج راكباً فيحكم بصحّته أيضاً فإن الحجّ في نفسه محبوب ومأمور به ولا موجب لبطلانه من جهة مخالفة النذر وسيأتي الكلام فيما استدل به على البطلان.
وأمّا الثالثة فربما يتخيّل فيها البطلان ، لأنّ نذره تعلّق بالمشي في حجّ خاص والنذر يوجب تقييد الواجب ، وما أتى به مخالف للمأمور به فيقع فاسداً ، نظير ما لو نذر أن يصلّي جماعة أو في المسجد فخالف وصلّى فرادى أو في بيته ، فإنهم حكموا
__________________
(*) لا مورد لهذا التخيل في المقام حتى مع قطع النظر عمّا ذكره (قدس سره) إلّا فيما إذا ركب أثناء العمل وكان المنذور هو الحجّ ماشياً ، بل لا مورد له فيه أيضاً فإن الأمر النذري في طول الأمر بالحج وهو مقصود من الأوّل ، والفرق بينه وبين قصد صوم الكفارة ونحوه ظاهر.