.................................................................................................
______________________________________________________
وبإزائها روايات أُخر تدل على وجوب الحجّ أكثر من مرّة بل كل عام على المستطيع ، منها : ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال : «انّ الله عزّ وجلّ فرض الحجّ على أهل الجدة في كل عام ، وذلك قول الله عزّ وجلّ (وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ)» (١).
وقد حملها الشيخ على الاستحباب جمعاً بينها وبين ما تقدّم من الروايات الدالة على الوجوب مرّة واحدة في تمام العمر. (٢) ولا يخفى بُعده ، لأنه خلاف ظاهر قوله (عليه السلام) «فرض الله الحجّ على أهل الجدة» أو صريحه ، خصوصاً بعد استشهاده (عليه السلام) بالآية الكريمة. وقد جوّز (قدس سره) حملها على إرادة الوجوب على البدل ، بمعنى أنه يجب عليه الحجّ في السنة الأُولى ، وإذا تركه يجب عليه في الثانية وهكذا. وهذا بعيد أيضاً ، فإن الوجوب البدلي بهذا المعنى من طبع كل واجب ، فإن الواجب يجب الإتيان به متى أمكن ، ويجب تفريغ الذمة عنه ، ولا يسقط الواجب بالعصيان.
وقد حملها صاحب الوسائل على الوجوب الكفائي ، بمعنى أنه يجب الحجّ كفاية على كل أحد في كل عام ، ويشهد له ما دلّ من الاخبار على عدم جواز تعطيل الكعبة عن الحجّ (٣).
وفيه : أن ظاهر الروايات وجوبه على كل أحد لا على طائفة دون طائفة أُخرى كما يقتضيه الواجب الكفائي ، على أنه يتوقف الالتزام بالوجوب الكفائي على تعطيل الكعبة ، وأمّا لو فرضنا عدم تعطيلها ولا أقل من أداء أهل مكّة الحجّ فلا موجب حينئذ للوجوب الكفائي.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ١٦ / أبواب وجوب الحجّ ب ٢ ح ١.
(٢) الاستبصار ٢ : ١٤٩.
(٣) الوسائل ١١ : ٢٠ / أبواب وجوب الحجّ ب ٤.