الآخر «والله ما هى بنعم الولد ، نصرها بكاء ، وبرّها سرقة» وخرّج على جعل «نعم وبئس» مفعولين لقول محذوف واقع صفة لموصوف محذوف ، وهو المجرور بالحرف ، لا «نعم وبئس» ، والتقدير : نعم السّير على عير مقول فيه بئس العير ، وما هى بولد مقول فيه نعم الولد ؛ فحذف الموصوف والصفة ، وأقيم المعمول مقامهما مع بقاء «نعم وبئس» على فعليتهما.
وهذان الفعلان لا يتصرفان ؛ فلا يستعمل منهما غير الماضى ، ولا بدّ لهما من مرفوع هو الفاعل ، وهو على ثلاثة أقسام :
الأول : أن يكون محلّى بالألف واللام ، نحو «نعم الرّجل زيد» ومنه قوله تعالى : (نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) واختلف فى هذه اللام ؛ فقال قوم : هى للجنس حقيقة ، فمدحت الجنس كلّه من أجل زيد ، ثم خصصت زيدا بالذكر ؛ فتكون قد مدحته مرتين ، وقيل : هى للجنس مجازا ، وكأنك [قد] جعلت زيدا الجنس كلّه مبالغة ، وقيل : هى للعهد (١).
الثانى : أن يكون مضافا إلى ما فيه «أل» ، كقوله : «نعم عقبى الكرما» ، ومنه قوله تعالى : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)
الثالث : أن يكون مضمرا مفسّرا بنكرة بعده منصوبة على التمييز ، نحو
__________________
(١) العهد ـ عند من قال إن أل فى فاعل نعم وبئس للعهد ـ قيل : هو العهد الذهنى لأن مدخولها فرد مبهم ، وذلك كقول القائل : ادخل السوق ، واشتر اللحم ، ثم بعد ذلك فسر هذا الفرد المبهم بزيد تفخيما ؛ لقصد المدح أو الذم ، ومن الناس من ذهب إلى أن العهد هو العهد الخارجى ، والمعهود هو الفرد المعين الذى هو المخصوص بالمدح أو الذم ؛ فالرجل فى «نعم الرجل زيد» هو زيد ، وكأنك قلت : نعم زيد هو ، فوضعت الظاهر ـ وهو المخصوص ـ موضع المضمر ، قصدا إلى زيادة التقرير والتفخيم.