فظاهر هذا أن قولة : «هل رأيت الذّئب قط» صفة لـ «مذق» ، وهى جملة طلبية ، ولكن ليس هو على ظاهره ، بل «هل رأيت الذّئب قط» معمول لقول مضمر هو صفة لـ «مذق» ، والتقدير : بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.
فإن قلت : هل يلزم هذا التقدير فى الجملة الطلبية إذا وقعت فى باب الخبر ؛ فيكون تقدير قولك «زيد اضربه» زيد مقول فيه اضربه؟
فالجواب أن فيه خلافا ؛ فمذهب ابن السراج والفارسى التزام ذلك ، ومذهب الأكثرين عدم التزامه.
* * *
ونعتوا بمصدر كثيرا |
|
فالتزموا الإفراد والتّذكيرا (١) |
يكثر استعمال المصدر نعتا ، نحو «مررت برجل عدل ، وبرجلين عدل ،
__________________
بحرف الاستفهام قد وقعت نعتا للنكرة ، وليس الأمر على ما هو الظاهر ، بل النعت قول محذوف ، وهذه الجملة معمولة له ، على ما بيناه فى الإعراب ، والقول يحذف كثيرا ويبقى معموله.
وهذا أحد الفروق بين النعت والخبر ؛ فإن الخبر يجىء جملة طلبية على الراجح من مذاهب النحاة ؛ إذ لم يخالف فى هذا إلا ابن الأنبارى ، والسر فى هذا أن الخبر حكم ، وأصله أن يكون مجهولا فيقصد المتكلم إلى إفادة السامع إياه بالكلام ، أما النعت فالغرض من الإتيان به إيضاح المنعوت وتعيينه أو تخصيصه ؛ فلا بد من أن يكون معلوما للسامع قبل الكلام ليحصل الغرض منه ، والإنشائية لا تعلم قبل التكلم بها.
(١) «ونعتوا» فعل وفاعل «بمصدر» جار ومجرور متعلق بنعتوا «كثيرا» نعت لمحذوف : أى نعتا كثيرا «فالتزموا» فعل وفاعل «الإفراد» مفعول به لالتزموا «والتذكيرا» معطوف عليه.