خبرا خلافا لابن الأنبارى ؛ فتقول : «زيد اضربه» ، ولما كان قوله : «فأعطيت ما أعطيته خبرا» يوهم أن كل جملة وقعت خبرا يجوز أن تقع صفة قال : «وامنع هنا إيقاع ذات الطلب» أى : امنع وقوع الجملة الطلبية فى باب النعت ، وإن كان لا يمتنع فى باب الخبر ، ثم قال : فإن جاء ما ظاهره أنه نعت فيه بالجملة الطلبية فيخرّج على إضمار القول ، ويكون المضمر صفة ، والجملة الطلبية معمول القول المضمر ، وذلك كقوله :
(٢٨٨) ـ
حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط |
|
جاءوا بمذق هل رأيت الذّئب قط |
__________________
٢٨٨ ـ البيت لراجز لم يعينه أحد من الرواة الذين وقفنا على كلامهم.
اللغة : «جن الظلام» ستر كل شىء ، والمراد أقبل «اختلط» كناية عن انتشاره واتساعه «مذق» هو اللبن الممزوج بالماء ، شبهه بالذئب لاتفاق لونهما ؛ لأن فيه غبرة وكدرة.
المعنى : يصف الراجز بالشح والبخل قوما نزل بهم ضيفا ، فانتظروا عليه طويلا حتى أقبل الليل بظلامه ، ثم جاؤه بلبن مخلوط بالماء يشبه الذئب فى لونه ؛ لكدرته وغبرته ، يريد أن الماء الذى خلطوه به كثير.
الإعراب : «حتى» ابتدائية «إذا» ظرف تضمن معنى الشرط «جن» فعل ماض «الظلام» فاعل جن ، والجملة فى محل جر بإضافة إذا إليها ، وجملة «اختلط» وفاعله المستتر فيه معطوفة على الجملة السابقة بالواو «جاءوا» فعل وفاعل «بمذق» جار ومجرور متعلق بجاء «هل» حرف استفهام «رأيت» فعل ماض وفاعله «الذئب» مفعول به لرأيت «قط» استعمله بعد الاستفهام مع أن موضع استعماله بعد النفى الداخل على الماضى ، والذى سهل هذا أن الاستفهام قرين النفى فى كثير من الأحكام ، وهو ظرف زمان مبنى على الضم فى محل نصب متعلق برأى ، وسكونه للوقف ، وجملة «هل رأيت الذئب قط» فى محل نصب مفعول به لقول محذوف يقع صفة لمذق ، والتقدير : بمذق مقول فيه هل رأيت الذئب قط.
الشاهد فيه : قوله «بمذق هل رأيت ... إلخ» فإن ظاهر الأمر أن الجملة المصدرة