تعالى : (سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) ولا تجرّ غيرهما ؛ فلا تقول : «سرت البارحة حتّى نصف اللّيل». واستعمال اللام للانتهاء قليل ، ومنه قوله تعالى : (كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى)
ويستعمل «من» والباء ، بمعنى «بدل» ؛ فمن استعمال «من» بمعنى «بدل» قوله عزّ وجل : (أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ) [أى : بدل الآخرة] وقوله تعالى : (وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) أى : بدلكم ، وقول الشاعر :
(٢٠٦) ـ
جارية لم تأكل المرقّقا |
|
ولم تذق من البقول الفستقا |
__________________
آخرا قولهم : أكلت السمكة حتى رأسها ، واعلم أن «حتى» الجارة على ضربين : جارة للمفرد الصريح ، وهذه هى التى لا تجر إلا الآخر أو المتصل بالآخر ، ولا تكون إلا غاثية ، وجارة لأن المصدرية ومدخولها ، وهذه تكون غاثية ، وتكون تعليلية ، وتكون استثنائية.
(٢٠٦) ـ البيت لأبى نخيلة ـ يعمر بن حزن ـ السعدى.
اللغة : «جارية» هى ـ فى الأصل ـ الفتاة الشابة. ثم توسع فيه فاستعملوه فى كل أمة «المرققا» على صيغة اسم المفعول ـ الرغيف الرقيق الواسع «البقول» جمع بقل ، وهو كل نبات اخضرت به الأرض «الفستقا» نقل خاص معروف.
المعنى : يريد أن هذه الجارية بدوية لا عهد لها بالنعيم ، ولم تستمرىء طعم الرفه ، فهى تأكل يابس العيش ، لا الرغفان الرقيقة الواسعة المستديرة ، وتذوق من البقول ما يأكله البدو عادة ، لا الفستق ونحوه مما هو طعام أهل الحضارة والرفاهية.
الإعراب : «جارية» خبر لمبتدأ محذوف ، والتقدير : هى جارية ، أو نحوه «لم» نافية جازمة «تأكل» فعل مضارع مجزوم بلم ، وحرك بالكسرة تخلصا من التقاء الساكنين ، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هى يعود على جارية «المرفقا» مفعول به لتأكل ، والألف للاطلاق «لم» نافية جازمة «تذق» فعل مضارع مجزوم