العظيم. وهذه كانت السبب الوحيد في موفقيته ، وكان الوزير راضيا عن أعماله في كل الأحوال ، ونال مكانة في قلبه. أما المماليك ممن تقدم في الخدمة فإن الكتخدا لم يقصر في تنكيل من يرى منه خروجا عن طريقه. فكان يظن أن الجو صفا له ولم يبق من مزاحم. وفي هذا الآوان استشار الوزير كتخداه في تزويج ابنته الأولى خديجة خانم إلى أحد عتقائه خازنه علي آغا فأبدى له من المحاذير السياسية ما يمنع أن يتزوج بها فنالت تلقيناته تصديقا وتسليما.
علم بذلك الخازن وأحس بنوايا الكتخدا نحوه فعرّف رفقاءه بالأمر. وحينئذ وللعصبية اتفقوا على قتل الكتخدا. ولما كان يخشى سوء نية الوزير اتفقوا أن يرفعوه من هذا المنصب فتعاهدوا على ذلك.
وبعد هذا الاتفاق خرج الكتخدا في بعض الأيام من عند الوزير وحده حسب المعتاد وعند وصوله إلى رأس السلم قاصدا دائرته فاجأه رئيس البندقيين (تفكجي باشي) وهو عبد الله آغا والخازن علي آغا. سلا سيوفهما عليه. فلم يبد الكتخدا أي ارتباك. ويحكى أنه أظهر لهما اللائمة ، وبعضهما ينقل أنه رفع صوته ودعا الوزير لما ارتكباه ولكنه عاجلته المنية. ولما علم الوزير بما جرى حاول أن يسرع إلى محل الوقعة إلا أن بعض المخلصين له بيّن له بأن قضي الأمر وليس من المصلحة بقاؤك في المقام فأخذه من إبطه إلى الدائرة الداخلية.
فالوزير حينما تحقق أن كتخداه قتل غيلة ثارت حميته فدعا الينگچرية وصنوف العساكر والضباط والعلماء ووجوه المملكة ، وأراد أن ينتقم من الخازن ومتفقيه ولكن المماليك اتفقوا على المعصية وركبوا الشر. وأن تفريق جموعهم يستدعي وقوع محذورين أحدهما أن الأمن والراحة تأسسا بهمة هؤلاء. ومحوهم يستلزم زوال الأمن ، وثانيهما أن وكلاء الدولة إذا سمعوا بالواقعة حملوها على تشوش الإدارة وانتهزوا